بلال الفاضلي
كغيرها من قرى ومدن الجنوب الشرقي، استقبلت تمكروت بإقليم زاكورة أبناءها بالأحضان، فبدت ألوان الطيف تزين حيطانها، ألوان ملابس أبناءها، يصولون ويجولون في بساتينها الجرداء التي أنهكها الجفاف وجعل نخيلها خشب مسندة، كم كان هؤلاء يطمحون تغيير ملامح قريتهم من اليأس إلى الدينامية والحياة، أراضي قاحلة وزادتها أحزمة البؤس شقاوة، إنها تمكروت التاريخ والحضارة تولى تدبير شؤونها أشخاص ليس بينهم وبين التدبير إلا الخير والإحسان، أناس لا يمتلكون ميكانيزمات العمل الجمعوي، فأعادوا بالقرية خطوات قاسية إلى الوراء.
عاد الشباب إلى قريتهم تمكروت فاصطدموا بواقع مر، لا شيء تحقق، لا مشاريع تنجز،لا ملاعب للقرب ،لا ساحات خضراء، الأرض القاحلة تحتضنهم بالغبار المتطاير من حين لآخر، الكلاب الضالة تحالفت مع القطط فاحتلوا كل الأزقة يعاكسون المارة تارة تراهم مسالمين وأخرى مهاجمين، الأزبال وما أدرك ما هي منتشرة في كل مكان، لا من يحملها والجماعة في دار غفلون، تبعثرها الرياح وتلصقها بجذوع النخيل العطشة.
جريدة “الألباب المغربية” المتواجدة بالقرية أجرت عدة حوارات مع فعاليات جمعوية وحقوقية وأبناء القرية في المهجر، فكلهم عبروا في استياءهم وحزنهم على ما آلت إليه وضعية تامكروت، وضعية مزرية بكل المقاييس.
إن القرية تعيش حصارا استثنائيا، فالحرارة من جهة، وفقدان العثور على مكان ينعش النفس من جهة أخرى، عاملان سواهما الكآبة والملل، وثالثهما حزم الأمتعة والهروب.