الألباب المغربية/ محمد الدريهم
نظمت الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والزراعة الجديدة لجيل جديد (New Agriculture New Generation)، المنظمة غير حكومية مقرّها باليونان، برنامجا مبتكرا لتنمية القدرات شارك في أشغاله خمسة من صغار منتجي تربية الأحياء المائية من جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط.
يجمع هذا البرنامج بين ما هو نظري ضمن فصول دراسية وما هو عملي من خلال الزيارات الميدانية والجلسات التوجيهية المصممة والمبرمجة وفقًا للاحتياجات ومن بين أهدافه، دعم النمو المستدام لتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال تزويد أصحاب المزارع الصغيرة النطاق برؤى متعمّقة في مجالات الأعمال التجارية والتسويق وريادة الأعمال. وقد اختير المشاركون، بناءً على معايير استدامة محدّدة، من خلال دعوة مفتوحة أُطلقت في تونس والجزائر وجمهورية مصر العربية ولبنان والمغرب.
في تصريح لحسام حمزة، مسؤول عن تربية الأحياء المائية بالهيئة أكد هذا الأخير على “إنّ تربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق تشكّل جزءًا لا يتجزّأ من تراث البحر الأبيض المتوسط وتساهم بشكل كبير في النمط الغذائي للبحر الأبيض المتوسط. ومن المهم للغاية دعم أدوات الاستزراع وتحديثها لضمان رفاهية المزارعين والأنواع المائية والبيئة”.
هذا وقد حضر المشاركون المرحلة الأولى من البرنامج التي انطلقت خلال شهر يونيو، في حدث أُقيم بأثينا، حيث سلّطت السيدة ماريا دمناكي، المفوضة الأوروبية السابقة للشؤون البحرية ومصايد الأسماك، الضوء على أهمية تربية الأحياء المائية بالنسبة إلى الأمن الغذائي في المستقبل وأشادت بالمبادرات التي تعمل على تنمية القدرات وصقل المهارات لدى المزارعين في المنطقة. كما حضر هذه المرحلة، ممثلون من أصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاع، بمن فيهم جمعية منتجي تربية الأحياء المائية اليونانية، والجامعة الزراعية في أثينا، والهيئات الصناعية في اليونان، إلى جانب ممثلي سفارات كلّ من المغرب وتونس والجزائر وجمهورية مصر العربية ولبنان.
خلال هذه المرحلة من البرنامج، نظمت لفائدة المشاركين سلسلة من حلقات العمل التدريبية في اليونان حول الاستراتيجيات والابتكار والاستدامة والاتجاهات التكنولوجية والتسويق والمبيعات حيث تعرّفوا على مختلف التكنولوجيات والممارسات في المنطقة، وتبادلوا الأفكار والخطط، وزاروا وحدات حديثة لتربية الأحياء المائية والاستزراع النباتي والسمكي ومختبرات للبحوث، لاكتساب رؤى حول خبرة اليونان في هذا القطاع.
هذا وقد سرح مسعد أجبع من لبنان بأن المشاركة في هذا البرنامج كانت تجربة تحويلية، لأنها قدّمت العديد من الأفكار للنمو والتطور. وأظهرت الزيارة إلى مزارع تربية الأسماك البحرية الإمكانات الكبيرة لتربية Pagrus، ممّا يفتح آفاقًا جديدة لتوسيع نطاق منتجاتنا. وعندما أعود إلى وطني، أعتزم تطوير نظام لتربية الأحياء المائية Pagrus قائم على إعادة التوزيع، وسيكون خطوة مهمة إلى الأمام في تعزيز إنتاجنا بكفاءة واستدامة.
من جهته، أكد عبد الرزاق كيرام من الجزائر أنه بعد حضور التدريب المكثف على الإدارة الاستراتيجية وإدارة التسويق لمنتجات تربية الأحياء المائية المستدامة، تعلّمنا الممارسات والتقنيات التي ستساعدنا على تحسين مشروعنا في وطننا. وزرنا عددًا من المزارع، وهو ما سيكون مفيدًا للغاية حيث نخطّط حاليًا لتوسيع زراعة السبيرولين والطحالب، واستكشفنا كذلك طريقة تغطية السوق المحلية ودخول الأسواق العالمية.
أما حسني الشادلي من المغرب فقد أكد على أنّ أكبر فائدة من هذا التدريب هو التواصل مع الفريق المنظّم والمشاركين الآخرين. وأنا على يقين من أن العمل الذي بدأناه هنا سيستمر لفترة طويلة، وسيرسي تآزرًا مربحًا لنا جميعًا.
للإشارة فإن هذا البرنامج يسلّط الضوء على أهمية تربية الأحياء المائية على نطاق صغير في البحر الأبيض المتوسط من خلال التركيز على مساهمتها في استراتيجية الهيئة لعام 2030 لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، فضلًا عن رؤية المنظمة للتحول الأزرق وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. كما أن البرنامج يسلّط الضوء على وجه الخصوص على الطريقة التي يمكن من خلالها لتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق أن تساعد في تأمين أغذية مغذّية غنية بالبروتينات، وتنويع سبل العيش، وتوليد فرص العمل والدخل، وتمكين المرأة في المنطقة. هذا وسيحصل المشاركون في البرنامج في المستقبل على تدريب مصمم وفقًا للاحتياجات في بلدانهم حول أفضل السبل لتطوير أعمالهم على نحو مستدام. كما أنّ التنفيذ الناجح لهذا البرنامج يمهّد الطريق أمام الهيئة لتكرار مثل هذه المبادرات في بلدان أخرى في البحر الأبيض المتوسط.