الألباب المغربية – مصطفى طه
توشك أن تمضي سنتين على الدورية التي وجهها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بتاريخ 17 مارس 2022، إلى ولاة الجهات، وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، يطلب من خلالها تفعيل مسطرة عزل المنتخبين الذين لهم مصالح مع الجماعات أو المقاطعات التي يمثلونها، إما عبر شركات أو جمعيات، سواء قبل انتخابهم واستمرار هذه المصالح أو خلال الولاية الحالية.
وبالرغم من صدور الدورية رقم “1854D”، إلا أن العديد من المنتخبين في مجموعة من الجماعات الترابية مازالوا في حالة تناف مع القانون، رغم علم مصالح العمالات، وكذا رؤساء الجماعات، ما يعد “تسترا” منهم على خرق قانوني، وبالتالي دوسا على القانون وضربا للدستور.
وفي هذا الصدد، وجه أعضاء المجلس الجماعي لتازناخت، مراسلة إلى عامل إقليم ورزازات، ضد النائب الرابع لرئيس الجماعة المذكورة، محمد بوسعيد، بسبب وجوده في وضعية تنافي وتنازع المصالح مع الجماعة، يدعونه فيها إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير التي يراها مناسبة في موضوع تضارب المصالح بالجماعة، حماية للمرفق العام، وتطبيقا لقواعد الحكامة، وتكريسا لمبادئ وقيم الديمقراطية والشفافية، وربطا للمسؤولية بالمحاسبة.
وقالوا في مراسلتهم التي تم وضعها في مكتب الضبط بعمالة ورزازات، يوم 13 يونيو 2024، تتوفر جريدة الألباب المغربية على نسخة منها، أنه: “نتقدم لسيادتكم بكتابنا هذا ضد المعني بالأمر المشار إليه في الموضوع، بعد أن اكتشفنا وتأكدنا من خلال آخر مراسلة للمتقاعسين تجاه الجماعة، بأن المعني بالأمر محمد بوسعيد، تربطه علاقة مصالح بالجماعة من خلال محلين تجاريين للكراء بزنقة سيدي بلال بمركز تازناخت، ووالده المسمى عبد الله بوسعيد، تربطه علاقة مصالح بالجماعة من خلال محل تجاري للكراء بنفس العنوان، وهذا ما جاءت به مقتضيات المادة 65 في الإشارة إلى الأصول المباشرة (الأب)”.
وشدد الأعضاء المشار إليهم، الأدهى والأمر، أن: “المعني بالأمر في الموضوع، وباقي الورثة الذين تمت مراسلتهم وإشعارهم بضرورة الأداء، تقاعسوا على ذلك لصالح الجماعة منذ أكثر من خمس سنوات، وهي مخالفة ذات طابع مالي تلحق ضررا بمصالح الجماعة – المادتين 64-65”.
تجدر الإشارة، أن دورية لوزير الداخلية موجهة للولاة والعمال، جاء من خلالها، أنه: “لوحظ من خلال الاستشارات القانونية التي تتوصل بها مصالح هذه الوزارة، أن بعض المنتخبين بمجالس الجماعات الترابية، يستمرون في علاقتهم التعاقدية أو ممارسة النشاط الذي كان يربطهم بجماعتهم الترابية قبل انتخابهم لعضوية مجلسها، سواء من خلال كراء المحلات التجارية أو تسيير أو استغلال مرافق تجارية في ملكية الجماعة الترابية، كأشخاص ذاتيين أو كأعضاء في هيئات التسيير لأشخاص معنويين (شركات أو جمعيات)”.
ونبهت الوزارة ضمن الدورية التي حصلت الألباب المغربية على نسخة منها، إلى أن المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والمادة 66 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والمادة 65 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، نصت على أنه يمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة الترابية، أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة الترابية التي هو عضو فيها أو مع هيئاتها مؤسسات التعاون بين الجماعات”.
ونصت المادة ذاتها، بحسب الدورية، على أنه يمنع على كل عضو أن يربط مصالحه الخاصة، مع “مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها…)، أو أن يبرم معها عقودا للشراكات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها، وبصفة عامة أن يمارس كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه”.
وفي ذات السياق، أوضحت وزارة الداخلية، أن: “المقتضيات السالفة الذكر جاءت بصيغة العموم والإطلاق دون تحديد من حيث النطاق الزمني، مما يكون معه المنع قائما بالنسبة لأية علاقة مستمرة خلال الولاية الانتدابية الحالية ولو ابتدأت قبل هاته الولاية، لأن الغاية والنتيجة واحدة سواء ربطت المصالح قبل هاته الولاية الانتدابية أو خلالها”.
وشددت على أن “وضعية تنازع المصالح تبقى قائمة باستمرار العضو بمجلس الجماعة الترابية في علاقة المصلحة الخاصة أو ممارسة أي نشاط كيفما كان له علاقة بمرافق الجماعة الترابية أو مع هيئاتها (مؤسسات التعاون بين الجماعات أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها أو شركات التدبير المفوض…)”.
تبعا لذلك، أكدت دورية وزير الداخلية، أن: “كل منتخب ثبت في حقه إخلال بالمقتضيات المنصوص عليها سابقا بكيفية صريحة وواضحة، من خلال ربطه مصالح خاصة مع جماعته الترابية أو هيئاتها أو يمارس أي نشاط كيفما كان ينتج عنه بصفة عامة تنازع المصالح، بصفته شخصا ذاتيا أو كعضو في الهيئات التسييرية لأشخاص معنويين (شركات أو جمعيات)، فإنه يتعين الحرص على ترتيب الآثار القانونية التي تقتضيها هذه الوضعية، وذلك من خلال مباشرة الإجراءات القانونية المتعلقة بعزل المنتخبين، والتي تم توضيحها بشكل دقيق بدوريتي عدد D1750 بتاريخ 14 يناير 2022″.
ودعا وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات إلى تعميم مضامين هذه الدورية على كافة رؤساء مجالس الجماعات الترابية، والمقاطعات التابعة لدائرة نفوذهم الترابي، والسهر على تطبيق ما جاء فيها، تطبيقا لقواعد الحكامة، وتكريسا لمبادئ وقيم الديمقراطية والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة.