الألباب المغربية
تم أمس الأحد 14 يناير الجاري ببروكسيل، تسليط الضوء على مظاهر التقدم المحرزة من قبل المغرب في مجال الحفاظ على الثقافة واللغة الأمازيغيتين والنهوض بهما، وذلك بمناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة كعطلة وطنية رسمية.
وخلال هذا اللقاء، الذي نظمته سفارة المغرب لدى مملكة بلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، استعرض كل من ادريس خروز، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومفتاحة أعمر، مديرة البحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المكتسبات المحرزة في مجال تعزيز المكون الأمازيغي للثقافة المغربية والنهوض به، والوضع الراهن لإضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية.
وأكد المتدخلون على الرمزية القوية التي يكتسيها إقرار “إيض يناير” كعيد وطني، ما يشكل اعترافا بالمكانة الجوهرية التي تتمتع بها الثقافة الأمازيغية كمكون للهوية الوطنية، مشيرين إلى أن الاحتفال بهذه السنة الجديدة يشكل مناسبة للوقوف عند التقدم المحرز في مسار تنزيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
وفي كلمة له بهذه المناسبة، أكد سفير المغرب لدى مملكة بلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، محمد عامر، أن الاحتفال هذا العام بالسنة الأمازيغية الجديدة يتميز بتفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بإقرار يوم 14 يناير عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها وكعيد وطني لجميع المغاربة أينما كانوا.
وأشار إلى أن هذا القرار التاريخي يجسد، مرة أخرى، العناية السامية التي ما فتئ جلالة الملك يحيط بها اللغة والثقافة الأمازيغيتين، منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، مسلطا الضوء على الخطاب التأسيسي الذي ألقاه صاحب الجلالة بأجدير سنة 2001، والذي كرس مكانة اللغة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية الثقافية التعددية للمغرب.
وقال عامر: “نحتفي اليوم بالمساهمة الكبرى للأمازيغية في تشكيل وتعزيز الوحدة الوطنية، فضلا عن الطابع التعددي للهوية الوطنية المغربية”.
من جهته، استعرض خروز، المدير السابق للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، بعض المعطيات التاريخية حول تواجد اللغة الأمازيغية بالمغرب منذ أزيد من 30 قرنا والآليات المجتمعية والثقافية التي مكنتها من الاستمرار إلى يومنا هذا، لافتا إلى أن الاحتفال بيوم 14 يناير يأتي كتتويج لمسلسل طويل من صيانة اللغة والثقافة الأمازيغيتين، تعزيزهما والنهوض بهما.
وأشار إلى أن اللغة الأمازيغية تعد تراثا مشتركا ومكونا أساسيا من الهوية الثقافية لجميع المغاربة، بغض النظر عن اللغة التي يعبرون من خلالها، مسجلا أنه من واجب الجميع تملك هذه اللغة، تعلمها، الاشتغال عليها والعمل على استدامتها.
كما أبرز خروز المرحلة الجوهرية لمسلسل إضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية ضمن دستور 2011، والتي فتحت المجال أمام النهوض بهذه اللغة، لاسيما في الإدارة، التعليم والإعلام، ما مكن من تحفيز أعمال البحث، تعزيز وتحديث هذه اللغة، والتي انطلقت على الخصوص منذ إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في العام 2001.
من جانبها، اعتبرت مفتاحة أعمر، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هو احتفاء بمغرب تعددي، غني بروافده المختلفة ومتحد حول مرتكزاته، مضيفة أن الاعتراف بالتنوع اللغوي والثقافي يشكل أحد أهم أوراش المغرب الحديث والديمقراطي، إلى جانب مشاريع أخرى مثل إصلاح مدونة الأسرة أو تعزيز دعائم الدولة الاجتماعية.
وتطرقت أعمر للوضعية الحالية المتعلقة خصوصا بالبحوث العلمية حول اللغة الأمازيغية، تدوين وتعميم استعمال حرف تيفيناغ والإدماج التدريجي لهذه اللغة في منظومة التربية الوطنية والتعليم العالي، مشيرة إلى إحراز أوجه تقدم ملحوظة في هذا المجال.
كما أبرزت مفتاحة أعمر، أهمية العمل على إضفاء الطابع الفكري على اللغة والثقافة الأمازيغيتين قصد الخروج بهما من الإطار التراثي أو الفولكلوري المحض، الأمر الذي يتطلب، حسب رأيها، تآزر جميع المغاربة والتفافهم حول مكون أساسي لهويتهم.