الألباب المغربية/ توفيق ناديري *
حينما دق الاتحاد المغربي للشغل عبر مختلف هياكله الإعلامية ناقوس الخطر في قبة البرلمان، حول تداعيات أزمة المجلس الوطني للصحافة، اتهمنا، رغم يقيننا برجاحة تحليلنا للوضع، بوضع العصا في العجلة والتغريد خارج السرب، فتم ما تم من عملية قتل رمزي لشيء اسمه التنظيم الذاتي للمهنة .
قلنا حينها إن المساس بالمسار الانتخابي الشفاف والعادي واللجوء لحلول على المقاس، والانتصار للأشخاص والكراسي على حساب المسار الديمقراطي لا يعطل فقط المهنة، وإنما يمس مبدأ دستوريا متقدما يمنح المهنيين حق تدبير مصيرهم ومشاكلهم.
وقلنا إن محاولة إقحام السلطة التنفيذية وفق سيناريوهات متعددة، في ملف يفترض أنه من اختصاص المهنيين دون غيرهم، هو انتكاسة وتراجع غير مبرر، يمس صورة بلادنا كدولة وضعت الإعلام في صلب الإصلاحات والأوراش الكبرى (إصلاح الإعلام العمومي نموذجا).
وقلنا إن المجلس الوطني للصحافة أو اللجنة المؤقتة، يجب أن يكون نتاج تدافع ديمقراطي يفرز هيأة ممثلة فعليا للقطاع قادرة على قيادة مشروع إصلاحات قلنا مرارا أنها ليست بالقيمة التي تسوغ تعطيل مسار الدمقرطة.
وقلنا إن المجلس الوطني للصحافة كهيأة منتخبة وممولة من المال العمومي، لا يجب أن تبقى بمعزل عن تكريس الحكامة والشفافية في التدبير، وأن شأن التسيير هو مسؤولية جماعية يفترض أن تكون تفاصيلها متاحة للجميع دون استثناء.
وقلنا إن المنهج الإصلاحي الحقيقي ينطلق من حوار شفاف وواضح، حول أداء المجلس السابق وعرض حصيلته للتداول والنقاش، لبناء تصور آخر إن اقتضى الحال، بحس من المسؤولية والنضج والشفافية وعدم التشنج.
وقلناها ونرددها دون خجل أو تملص من المسؤولية التاريخية كمنظمة عتيدة ومواطنة ومسؤولة، إننا فشلنا في بلورة مسار التنظيم الذاتي للمهنة .
ونقولها بكل الخيبة الممكنة إن الدستور متقدم في هذا الباب، وإن محاولة التحايل على المسار الديمقراطي، باجتهادات طريفة، هو تأويل لا ديمقراطي وتراجع على مكتسبات حقوقية وضعتها الدولة، ضمن إستراتيجية كبرى، لتنزيلها لا لقضاء مآرب شخصية أو فئوية ضيقة.
وحيث أن المناسبة شرط، نقولها بكل الصراحة الممكنة، إن مغرب اليوم يستحق بكل مكوناته وهيآته الناشرة والمهنية،مجلسا قويا ومنسجما ومنفتحا وقادرا على مواجهة التحديات الصعبة
وفي هذا السياق، نقولها بكل الأسف، إن المجلس الوطني وهو منشغل بالانتداب والإصلاحات الشكلية الترقيعية، أبان خلال الشهور الأخيرة،عن ضعف كبير في مواكبة التحولات وما تتعرض له الدولة ورموزها وصحافيوها من حرب إعلامية قذرة داخليا وخارجيا، دون أن يكون المجلس، بتلك القوة ليكون فاعلا أو مؤثرا في هذا النقاش.
ونقولها بمسك الختام، إن قوة الدولة بقوة كل مؤسساتها، وإن تعزيز الإصلاحات الإعلامية يمر عبر العودة السريعة قبل فوات الأوان للمسار الديمقراطي والنهج التشاركي وتعزيزه، بما يفرز نخبا إعلامية جديدة مهنية ومواطنة تؤسس على ما تحقق دون أن تهدم ما منحه الدستور من هامش للاستقلالية والتنظيم الذاتي للمهنة.
*الناطق الرسمي باسم الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال
الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام – الاتحاد المغربي للشغل