الألباب المغربية/ حبيب سعداوي
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي مشروع تنموي ملكي انطلق رسميا بعد الخطاب الملكي في 18 ماي 2005، ويستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة وجعل المواطن المغربي أساس الرهان التنموي، وذلك عبر تبني منهج تنظيمي خاص قوامه الاندماج والمشاركة، والهدف الرئيسي والمبتغى الأساسي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليس فقط محاربة الفقر والإقصاء ومظاهر الهشاشة والتهميش، بل هو أيضا غرس مبادئها وفلسفتها وقيمها بين جميع مكونات المجتمع عبر تحفيز كل المتدخلين في مجال التنمية البشرية للعطاء والابتكار من أجل تحقيق غد أفضل وتحقيق التنمية المستدامة والمنشودة.
هذا وحسب تصريح أحد المستفيدين من لوازم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة الفقيه بن صالح سنة 2015، والتي أشرف على توزيعها العامل السابق نورالدين أوعبو بغية محاربة الفقر والهشاشة والحد من البطالة، والذي جاء فيه على أنه تعرض لحجز عربته المتنقلة “كروصة” لبيع الحلزون، وهي من المعدات الممولة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة الفقيه بن صالح .
وحسب تصريح المتضرر فإنه قد تعرض عدة مرات للمضايقة وحجز “عرابته” بدعوى تحرير الملك العمومي، وأنه لا يتوفر على رخصة لبيع الحلزون بالرغم من أنه تقدم للمجلس الجماعي بملف الترخيص لكن دون جدوى حسب تعبيره .
وفي تصريح لزوجة المتضرر وهي أم لطفلين وبطلة المغرب في الرياضات القتالية، مناشدة الجهات المعنية وخاصة عامل الإقليم بإيجاد حلول ناجعة لهذه الفئة من المجتمع التي تعيش على هذه الحِرف لسد رقمها اليومي وإنقاذها من واقعها المزري؛ فالفقر الشديد جعل هذه الفئة تبحث عن سبل العيش تضيف زوجة المتضرر بطرق صحيحة ومقننة حتى لا يقول البعض أننا نريد احتلال الملك العمومي وخلق الفوضى في المدينة.
هذا وقد أضافا الزوج وزوجته المتضررين من حجز عربتهما المتنقلة “كروصة” مسلمة قانونيا من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة الفقيه بن صالح سنة 2015، والتي خصص لها مبلغ مالي من خزينة الدولة، أنهما لا يملكان ولا يعتمدان سوى على هذه المهنة لسد حاجياتهما اليومية، وأنهما مع القانون وضد الفوضى التي تعم المدينة، لكنهما يناشدان الجهات المعنية بإيجاد حلول وتسهيل المساطر وخاصة من طرف المجلس البلدي الذي رفض تسليمها الرخصة حسب تعبيرهما.
هنا يبقى السؤال مطروحا… ما هو الهدف من هدر المال العام في هذه المعدات ؟ وما الغرض من تخصيص مبالغ مالية كبيرة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لهذه المعدات ؟… ألا تفكر الجهات المعنية الوصية على البلاد والعباد في إيجاد حلول سريعة للحد من العشوائية التي تعم مدينة الفقيه بن صالح ؟ …. ألا تفكر الجهات المعنية التي أدت القسم أمام الله وأمام صاحب الجلالة في وضع حد لسماسرة هذه المدينة ؟…إلى متى سيظل استغلال النفوذ والبلطجة ترهق كاهل المواطن في هذه القبيلة المحݣورة ؟… ألم يحن الوقت للقطع مع هذه التصرفات ؟.. أم أن من وضع فيهم صاحب الجلالة الثقة لتسيير رعاياه في الفقيه بن صالح لا يبالون وينتقمون؟.. كلها أسئلة واستفسارات تراود الساكنة كل يوم، في الشوارع، المقاهي، في القرى والمداشر؛ لكن حالنا لازال كما هو، لن ولم يتغير شيء، بل الأمور تزداد تعقيدا والحياة أصبحت مرة في هذه القبيلة المحݣورة… لقد ماتت مدينة الفقيه بن صالح ونواحيها، قضيتم على الشجر والبشر الحجر، كتبنا ونادينا، احتجينا، فلم نجد آذان صاغية ولا قلب رحيم..
فصح من قال “المال السايب كيعلم السرقة” تنطبق تماما على ما وقع من هدر للمال العام في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالفقيه بن صالح، فلقد تغاضينا منذ 2015 على عدة تجاوزات غير مفهومة طالت الأموال المرصودة لهذه المشاريع. ومع كل هذا العبث والتسيب اخترنا شعار “كم من حاجة قضيناها بتركها”، رغم الفشل الذي طال عدة مشاريع كلفت ملايين الدراهم من ميزانية أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. لأن هناك البعض اختار دفن رأسه في التراب أمام ما يحدث بالفقيه بن صالح، كما التزم الكثير الصمت أمام تغول لوبيات أتت على الأخضر واليابس بالإقليم. فماذا فعلتم وفعل الخونة بهذه المدينة الذي كان ماضيها أحسن من حاضرها ؟ لكن هذه المبادرات اغتيلت وسقطت هذه الاتفاقيات والمشاريع في رفوف الأرشيف نخرها السوس والحشرات من كل الجهات… كيفاش، راحنا ماناسينش؟!!
وللحديث بقية..