الألباب المغربية/ أحمد زعيم
في إطار الدينامية التنموية التي تعرفها جهة بني ملال خنيفرة، شهدت قاعة الإجتماعات بملحقة عمالة الفقيه بن صالح يوم الإثنين 10 نونبر 2025، لقاء تشاوريا ترأسه محمد قرناشي، عامل الإقليم، خُصص لمناقشة المشروع التنموي الجديد في ضوء التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى بلورة جيل جديد من البرامج الترابية المندمجة القادرة على الإستجابة للتطلعات التنموية الراهنة.
حضر اللقاء عدد من البرلمانيين والمنتخبين ورؤساء الجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة، والمؤسسات العمومية، إلى جانب فعاليات جمعوية وإعلامية، في محطة وصفت بالمهمة نحو بناء رؤية تشاركية للتنمية المحلية.

ورغم ضيق الوقت وكثرة المداخلات، التي اتسم بعضها بالعمومية وافتقر إلى مقترحات عملية، إلا أن اللقاء تميز بتدخلات نوعية وقوية تناولت قضايا جوهرية تتعلق بالصحة والتعليم والفلاحة وفرص الشغل والعدالة المجالية والحكامة، فضلا عن ظاهرة إستنزاف الفرشة المائية وتلوثها وخطورتها على الإنسان والحيوان والمزروعات وغيرها.
من بين هذه المداخلات، برزت مساهمة مؤثرة لأحد المشاركين من ذوي الإحتياجات الخاصة (رجل كفيف من جماعة بني وكيل)، الذي دعا إلى إنصاف الدواوير والبوادي وضمان حقها في التنمية رغم ضعف الكثافة السكانية، مشددا على تبسيط المساطر الإدارية وتمكين المواطنين من الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية، مع التأكيد على أولوية أصحاب الأراضي السلالية في مشاريع التنمية. وقد نال تدخله تقدير الحاضرين وتفاعل عامل الإقليم الذي أكد تسجيل جميع المقترحات لدراستها وإيجاد حلول عملية تهم الساكنة المحلية.
كما أشار أحد المتدخلين إلى أن التشغيل يمثل أبرز تحديات الإقليم، نظراً لإعتماده الكبير على الفلاحة وتحويلات المهاجرين، مما يجعله هشا أمام تداعيات الجفاف. ودعا إلى تنويع القطب الإقتصادي وإعطاء مكانة أكبر للصناعة، خاصة أن الإقليم فوسفاطي بإمتياز، مع إحداث حاضنة صناعية و”قرية فرص” لدعم المقاولات الشبابية.
وفي مداخلة أخرى، شدد أحد السياسيين على أن نجاح المشاريع التنموية مرهون بتوفير الموارد المالية الكافية، داعيا إلى دعم جهوي منصف ومستدام يضمن العدالة في توزيع التمويل بين أقاليم الجهة لتحقيق تنمية متوازنة وشاملة. وقد لقي هذا الطرح تفاعلا إيجابيا من عامل الإقليم، الذي أكد حرصه على تتبع هذه المقترحات ضمن رؤية موحدة لتسريع وتيرة التنمية وتعزيز النجاعة الترابية.
أما أحد الفاعلين الحقوقيين، فقد نبه إلى أن الإقليم يتوفر على طاقات ومؤهلات مهمة، غير أن ضعف الحكامة والتتبع يجعل العديد من المشاريع متعثرة. ودعا إلى ترسيخ الحكامة الجيدة والشفافية والمراقبة التشاركية، بإعتبارها أساس أي تنمية حقيقية.
وفي ختام اللقاء، سجل إجماع ضمني على أن لغة التنمية تحتاج إلى مراجعة، إذ عبر عدد من المواطنين والمتتبعين عن رفضهم لخطاب التبرير المكرر القائم على عبارات مثل “يجب” و”سيتم”، مطالبين بإستبدالها بخطاب الفعل والتنفيذ القائم على “ننجز” و”نحقق” و”نطبق”.
فالرهان اليوم، كما خلصت المداخلات، هو الإنتقال من الوعود إلى الأفعال، ومن التنظير إلى الإنجاز الملموس الذي يشعر به المواطن في حياته اليومية.