الألباب المغربية/ حبيب سعداوي
أصبح كل شيء ممكن في عالم من هب ودب، عالم المصالح والاسترزاق، عالم أهداف قصيرة المدى ومصالح بعيدة المدى، عالم لا تدرك كيف تتشابك المصالح وتتداخل، وبحكم تحقيق هذا الهدف تجرى التحالفات على حساب المبادئ والأخلاق، ولم تتوقف المواجهات إما بحجة المطالبة بالحقوق وتكريس القيم الديمقراطية أو الدفاع عن أنظمة سياسية لا تحترم حقوق الانسان تعيش حالة من الفوضى السياسية. في آخر مناسبة وطنية بإقليم الفقيه بن صالح والتي يحتفل بها الشعب المغربي بذكرى تربع جلالة الملك على عرش اسلافه المنعمين، شاهدت أصحاب الشعارات السياسية الأكثر خطورة، تلك التي كانت تدعو الى امتلاك الحقيقة المطلقة، والمصداقية والشفافية والوضوح، وتضيق بالرأي الآخر، وتقبل بالديمقراطية كنوع من التكتيك وتجتهد ضد ممارستها وتطبيقها لتعارضها مع سلطة المقدس والنص، شاهدتها وهي تغازل وتحاور جميع من كانوا يحسبونهم خصوم سياسيين فاسدين واستبداديين حسب تعبيرهم ابان الحملات الانتخابية الغاشمة. استنتجت أن كل الاطراف تحاول توظيف السياسة لمصالحها، وهكذا فالسياسة هي طريق الى المصالح ومن هذه الناحية ليس من الممكن المراهنة على أنظمة سياسية لا علاقة لها بالديمقراطية عدا أنها تشكيلية من الشعارات الموسمية تنتهي صلاحيتها بفتوى دينية او بانقلاب على الدستور والقيم الديمقراطية والانسانية. لسنا هنا بصدد حقد أو حسد أو ما شابه ذلك كما يعتقد البعض في السياسة، وإنما ما يهمنا هنا تلك المصالح الغير المشروعة وبصورة أكثر، المصالح السياسية التي قد تجعل من إقليم “لاربعا” سلعة تباع في سوق النخاسة بثمن زهيد، وهي لا تختلف من حيث الاهداف عن لعبة المثقف الانتهازي أو الحزب السياسي الذي يرى المبدأ الميكافيلي «الغاية تبرر الوسيلة» التربة الخصبة لتحقيق أهدافه ومصالحه!… اكتشفنا أن هؤلاء الساسة يثقنون فن الممكن ولغة المصالح التي لا وجود للمبادئ داخلها، ولا مكان للأخلاق والتمسك بالمواقف أو الالتزام بمبادئ اللعب السياسي النظيف، عداوات تتبدل، ومواقف تتغير، وأصدقاء يتصافحون أمام الكاميرات وكل منهم يمسك خنجره وراء ظهره، أعداء اليوم هم أصدقاء الغد والعكس صحيح.يخبرك هذا الرئيس أنه داعم المظلومين، ونصير المقهورين، يعدك بالدعم والنصرة والوقوف مع الحق الذي تؤمن به في وجه الظالمين وأعوانهم، تصدقه عاما تلو الآخر، حتى إذا ما بدأ يخسر بدعمه لك، تنازل عنك وتركك وحيدا وذهب ليصافح أولئك الظالمين. يتغيرون ويتبدلون ويقومون بالشيء وعكسه دون غضاضة، يقابل هذا ذاك بعدما أن كان ينهال عليها سبا وشتما، ويقابل ذاك هذا بعدما أن كان يتمنى له الأعطاب “وتغراق الروايد” ووووووتحتار معهم الأذرع الإعلامية والذباب الالكتروني، فما عادوا يعرفون مَن العدو ومَن الصديق، من يهاجمونه ومن يدافعون عنه، اختلط الحابل بالنابل وبات على بعض من يحسبون أنفسهم اعلاميين ؛ أن يضبطوا بوصلتهم على متغيرات السياسة الجدية بإقليم “لاربعا”.
الفقيه بن صالح.. لعبة سياسة المصالح
اترك تعليقا