الألباب المغربية/ متابعة: الحجوي محمد
ليست حجارةً ولا شعاراتٍ مُرفوعة، بل قلوبٌ منهكةٌ تئن تحت وطأة الانتظار. أمام مؤسسة العمران في قلعة السراغنة، يقف المواطنون كأشباحٍ لأحلامٍ مُعلَّقة، يحملون بين طيّات صبرهم سنواتٍ من الوعود المُجهضة. الاعتصام هنا ليس مجرد وقفة احتجاجية، بل هو آخر فصول مسرحية الإحباط التي بدأت منذ 2014، ولم تُكتب نهايتها بعد.
مشروع “القطب الحضري البدر” كان يُفترض أن يكون بوّابة الأمل لساكنة المنطقة، مشروعاً ملكياً يحمل في طيّاته وعوداً بالكرامة. لكن الزمن كشف عن وجهٍ آخر: أوراقٌ تتراكم في الملفات، ومواعيدٌ تتبخّر، بينما المواطنون يُحاصرون بديون الأرض التي اشتروها، ولم يروا منها سوى حبر العقود. السؤال الذي يُلاحقهم كظلٍّ ثقيل: إلى متى سيظلون رهائنَ للانتظار؟
لن تتخيّل مرارة أن تبيع قوت أولادك لتُحصّن مستقبلك، ثم تكتشف أن المستقبل نفسه قد هُزم أمام بيروقراطية المؤسسات. هؤلاء لم يطلبوا منّةً، بل دفعوا كل قرشٍ، وفتشوا عن كل توقيع، وحين أنهكهم البحث عن العدالة، وجدوا أنفسهم في دائرة مُفرغة: لا ردٌّ يصل، ولا حلٌّ يلوح. حتى الصبر ـ ذلك الضيف الثقيل ـ صار عبئاً لا يُطاق.
ليس في جعبتهم سوى أصواتهم، يصرخون بها أمام جدران المؤسسة، لعلّها تسمع. هم لا يريدون تعويضاً مالياً بقدر ما يريدون اعترافاً بأنهم بشرٌ لهم حقوق. صمودهم اليوم هو اختبارٌ لضمير المسؤولين: هل سيبقى الحلّ حبيس الأدراج، أم ستنكسر قواعد الروتين لإنقاذ ما تبقّى من ثقة المواطن في مؤسسات بلاده ؟