(*) مروة محمد
وسط ترقب دولي دائم لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، اندلعت اشتباكات يوم الاثنين الماضي بين فصيلين عسكريين في العاصمة الليبية طرابلس، في لحظة تاريخية من عدم الاستقرار الكبير في القارة الأفريقية بالنظر إلى ما يحدث في النيجر والتوتر بشأن السيطرة على طرق الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا.
عدد قتلى المواجهات المسلحة التي شهدتها طرابلس على خلفية اعتقال جهاز الردع التابع للمجلس الرئاسي، آمر اللواء “444”، محمود حمزة، بمطار معيتيقة الدولي في طرابلس ارتفع إلى 55 قتيلاً، بينهم عسكريون ومدنيون، فضلًا عن 146 إصابة، وفق آخر حصيلة.
وفي وقت لاحق، توقفت الاشتباكات بعد نجاح جهود مفاوضات رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفى، ورئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، ووجهاء وأعيان ليبيون، فى تهدئة الأوضاع وإقناع آمر قوة الردع، عبدالرؤوف كارة، بتسليم حمزة إلى جهة محايدة وهو جهاز دعم الاستقرار، بعد رفضه ذلك فى وقت سابق.
الأهم أن هذه الاشتباكات لم تكن الوحيدة، ففي 28 مايو الماضي، شهدت طرابلس اشتباكات استمرت ساعات بين جهاز الردع و”اللواء 444″، على خلفية اعتقال الأول أحد القادة التابعين للواء.
قوة الردع الخاصة، ومعظم الفصائل المسلحة الأخرى، تشغل مناصب شبه رسميه، وتتقاضى رواتب حكومية، وتعمل كقوات أمن بالزي الرسمي على الرغم من أنها مسؤولة في النهاية أمام قادتها. لكن السلطات القضائية لم تعلن عن أي مذكرة توقيف بحق حمزة لشرح سبب توقيفه.
وكلا الفصيلين هم الأقوى في طرابلس إلى جانب فصيل ثالث، هو جهاز دعم الاستقرار، لكنهم لم يكونوا أبدًا حلفاء.
من الواضح، أنه لا يبدو أن أي زعيم سياسي قادر على إخضاع الفصائل المسلحة لسيطر ة الدولة أو التوصل لحل دائم للصراع الأوسع، في حين أن الدبلوماسية الدولية تركز على الحاجة إلى دفع مجلسي النواب، والأعلى للدولة من أجل الاتفاق بخصوص القواعد الانتخابية، لكن التقدم محدود في هذا الشأن من وجهة نظري.
الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة في طرابلس، تتكرر من وقت لآخر بسبب المنافسة بين الجماعات المسلحة التي تسعى إلى بسط نفوذها وسلطتها. لكن هناك مشكلة مرتبطة بذلك أيضا،ً وهي أن الغرب وتحديداً أوروبا يدعمان حكومة رهينة الفصائل المسلحة في العاصمة الليبية.
أعتقد أن أحداث الأيام الأخيرة، ليست سوى الأحدث في سلسلة من الاشتباكات من هذا النوع وتمثل صورة لعدم استقرار كبير. إن الميليشيات شغلت موقعًا مهيمنًا بشكل متزايد في ليبيا، أيضًا لأن الجبهات السياسية المختلفة انضمت إليها لتنعم بالحماية وتأمين المناصب، لكن الخوف حقاً هو أن تتحول الانتخابات إلى سراب في صحراء ليبيا مع تشابك المصالح والخصومات!
(*) صحفية متخصصة في الشأن الليبي بجريدة الشروق المصرية ووسائل إعلام إيطالية