الألباب المغربية
تحرير مصطفى طه
بتعليمات من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، وضع المرصد الوطني لحقوق الطفل الصحة النفسية في صميم اهتماماته طوال هذه السنة، إيمانا منه بأن النمو المتكامل لكل طفل يستند إلى مواكبة ملائمة واستجابة سريعة في حالات الأزمات.
وذكر المرصد الوطني لحقوق الطفل، في بلاغ، أنه يسعى، من خلال الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال، بالإضافة إلى المبادرات المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، إلى توفير بيئة داعمة يمكن من خلالها لكل طفل التغلب على الصعوبات التي يواجهها والنمو بشكل سليم.
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يصادف 10 أكتوبر من كل سنة، يحتفي المرصد الوطني لحقوق الطفل بمرور سنة حافلة بالإنجازات، متطلعا إلى المستقبل بعزم، بالتعاون مع شركائه، لبناء غد أكثر أمانا واستقرارا لكل طفل مغربي.
ومن بين هذه الإنجازات، اعتماد المرصد الوطني لحقوق الطفل، خلال السنة المنصرمة، دينامية جديدة من خلال إطلاق الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال، الرامية إلى تلبية الاحتياجات الآنية للأطفال المتضررين من الكوارث البشرية أو الطبيعية.
ومنذ الأسابيع الأولى لإرسائها، قدمت الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال، بالتعاون مع الاتحاد الوطني لنساء المغرب، خدمات نفسية استعجالية فعالة بأقاليم تاليوين وورزازات وأزيلال لفائدة أكثر من 125 طفل(ة) وأمهاتهم ممن تضرروا من زلزال الحوز.
وشهدت هذه التعبئة نموا سريعا بفضل هيكلة الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال ونشر دليل التوصيات الذي يضمن جودة التدخلات. ومكن توقيع شراكات استراتيجية مع جمعيات من الممارسين المعترف بهم، فضلا عن مختلف الهيئات الحكومية وغير الحكومية مثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والاتحاد الوطني لنساء المغرب، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، من توفير إطار قوي للمرصد الوطني لحقوق الطفل لمواكبة الأطفال بشكل دائم وفعال.
وأشار البلاغ إلى أن المرصد الوطني لحقوق الطفل، وإخلاصا لرسالته في خلق دينامية وطنية حول الصحة النفسية، نظم، في شهر يناير الماضي، يومين من الورشات التشاورية حول موضوع صحة الطفل النفسية بالمغرب، شارك فيها 270 متخصصا في الصحة النفسية لتحديد الاحتياجات والعوائق التي تحول دون تقديم رعاية نفسية أفضل للأطفال.
وشكلت هذه الأيام منعطفا حاسما في صياغة توصيات عملية ووضع اللبنات الأولى لتقديم رعاية أكثر ملاءمة، حيث أكدت إحدى أهم التوصيات المنبثقة عن الورشات التشاورية على ضرورة تعزيز قدرات العاملين في مجال الصحة النفسية الذين يتعاملون مع الأطفال. وفي هذا الإطار، عمل المرصد الوطني لحقوق الطفل خلال الفترة الممتدة من أبريل إلى شتنبر 2024 على تكوين أكثر من 875 إطارا من مختلف الوزارات، بالإضافة إلى 105 مهنيين في قطاع الصحة متخصصين في الصحة النفسية الناجمة عن الصدمات، من بينهم 77 تطوعوا للعمل ضمن الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال، مساهمين بخبراتهم الميدانية في تلبية احتياجات الأطفال الأكثر ضعفا.
وبالموازاة مع ذلك، قام المرصد الوطني لحقوق الطفل بتحسيس 398 طفلا عضوا في برلمان الطفل حول تحديات ومحددات الصحة النفسية، مع اطلاعهم على الآليات الجديدة التي وضعها المرصد في إطار الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية لدى الأطفال. وقد مكن هذا البرنامج، الذي يتماشى تماما مع عضويتهم للفترة 2023-2025 المتمحورة حول “الصحة النفسية، حق لكل طفل”، من تعزيز دورهم كحلقة وصل ومدافعين عن حقوق الطفل.
وحرصا على تعزيز نهج وقائي، أطلق المرصد الوطني لحقوق الطفل أول “أسبوع للصحة النفسية” في ماي 2024، مسلطا الضوء على فئتين مستهدفتين: الأمهات الحديثات والتلاميذ.
وبفضل شراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تم إنتاج سلسلة من الفيديوهات التعليمية بتقنية الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، بعنوان “مدرسة الأمهات”، وتم بثها لأكثر من 3000 أم شابة عبر 250 دارا للأمهات، للتوعية بأهمية الارتباط بين الأم والطفل والصحة النفسية للأم.
وعلاوة على ذلك، تم نشر برنامج مخصص للقلق المدرسي في 3300 مؤسسة تعليمية في جميع أنحاء المملكة، لتزويد المعلمين والتلاميذ بأدوات عملية للوقاية من القلق وتدبيره في الوسط المدرسي، وذلك بفضل شراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
وبمناسبة اليوم الوطني للطفل، في 25 ماي الماضي، نظم المرصد الوطني لحقوق الطفل ملتقى علميا رفيع المستوى، جمع خبراء وطنيين ودوليين حول موضوع “الصحة النفسية.. حق لكل طفل”. وقد شكل هذا الحدث فرصة مهمة لتقييم الإنجازات المحرزة وإطلاق شراكات جديدة لتعزيز الرعاية والتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة.
وانطلاقا من رغبته المستمرة في الابتكار، أطلق المرصد الوطني لحقوق الطفل النسخة الأولى من مسابقة البرمجة “e-Tofoula“، والتي جمعت طلابا ومهنيين في مجال الصحة النفسية وأطفالا بهدف ابتكار حلول رقمية. وقد أتاحت هذه المسابقة تحصيل 12 تطبيقا مبتكرا، خمسة منها في طور التطوير حاليا، وذلك بغرض إثراء الأدوات المتاحة في مجال التكفل ورعاية الأطفال في وضعية هشاشة.
وهكذا، وتحت رئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، يضع المرصد الوطني لحقوق الطفل، بدعم وتعاون مع جميع شركائه، لبنات بناء مستقبل مشرق للأطفال في المغرب تكون فيه صحتهم النفسية أولوية مشتركة، مع مواصلة العمل من أجل ضمان حصول كل طفل على فرصة للنمو في بيئة آمنة وحامية.