الألباب المغربية
إذا كانت البلاد قد حققت انجازات شتى، فإنها مازالت تعاني من مشاكل كثيرة، وإذا كان من حق المواطن المطالبة بالحقوق، والاحتجاج السلمي على الأوضاع، فإن من واجب الحكومة أن تحرص على الاستماع إليه وتفهم غضبه، وتقديم أجوبة مقنعة لمطالبه.
إن كل ذلك مفيد في تطوير الأوضاع، والتنبيه إلى الاختلالات، وتجاوز الخصاصات، ويبصم على حيوية الشباب، وطموحهم في إسماع صوتهم.
غير أن الانزلاق إلى العنف، إن بدأ محدودا، فإن رقعته اتسعت رويدا رويدا، إلى أن أصبح مثيرا ومقلقا.
يقع ذلك مع يقيني، بأن القوات الأمنية بكافة مكوناتها، تلقت تعليمات صارمة، بالتعامل المرن مع الاحتجاجات، وتفادي استعمال القوة قدر الإمكان، ويقيني أيضا، أن الشباب المحتج، لا يستهدف المس باستقرار البلاد وأمنها.
لكن، وقع للأسف الشديد، خلاف ما حرص الطرفان على تفاديه، وذلك بحكم الاحتكاك الميداني، بين قوى أمنية، تقوم بواجبها في ظروف صعبة، مما يفرض عليها أحيانا ممارسات لم تردها، ولاهي قصدتها، وبين شباب في عمومه مصر على السلمية، إلا أن صفوفه اقتحمتها عناصر عنيفة، جعلت من رجال الأمن هدفها، وانزاحت إلى ممارسات تسئ إلى الأهداف الشبابية النبيلة .
إن من الواجب على الشباب، ضبط كل العناصر المنفلتة، ومنع تجاوزاتها، لأنها تشوه احتجاجهم وتنزع عنه السلمية.
أما الحكومة، فمن واجبها أن تجيب على الاحتجاجات الجارية، بأجوبة مقنعة، بكل وضوح ومسؤولية، وأن تفتح وسائل الإعلام العمومية أمام الشباب، في حوار مباشر مع مسؤوليها، بعيدا عن لغة الخشب التي بدا أنها اللغة الوحيدة التي يتقنها بعض كبار المسؤولين.
إن لكل أزمة حلول، والحلول اليوم بيد الحكومة، التي لا يجوز أن تترك الشارع لمواجهات مؤسفة ومؤلمة بين شباب مغربي، بعضه يدافع عن أمن البلاد واستقرارها، والبعض الآخر، يدافع عن حق المواطنين في الصحة والتعليم، ومع ذلك تقع إصابات، وحرائق وخسائر، تشوه صورة البلاد وتعمق مشاكلها.