الألباب المغربية/ رشيد اخراز – جرادة
إن نمط عيش ساكنة جرادة يكاد يختلف عن نمط عيش كل المدن المغربية، ساكنة منسجمة لا تجمع بين أفرادها روابط قبلية أو جغرافية، عرف أبنائها بحسهم العمالي يصارعون الموت يوميا داخل آبار الفحم الحجري من أجل لقمة العيش، يشتغلون في ظروف أقل ما يقال عنها مأساوية.
بداخل الٱبار أو ما يصطلح عنها بالساندريات لدى ساكنة جرادة ودرءا لأخطار الانهيارات يستعينون بأخشاب من غابة الصنوبر تآكلت هي الأخرى بفعل الضغط المستمر عليها، لكن هذه الأخشاب لا تكون دائما بالصلابة التي يعتقدها البعض، فتستسلم أمام الضغط الشديد للصخور والأتربة، فتنكسر لتردم الأتربة فوق العاملين الباحثين عن لقمة الرغيف الأسود.
وبإستثناء الأخشاب التي يستخدمها العمال، لا توجد أي وسائل تضمن سلامتهم داخل الٱبار ، وهو ما يفسر أن الأمل في النجاة عند وقوع الانهيار داخل البئر يكون ضعيفا، خاصة أمام صعوبة القيام بأعمال الإنقاذ داخله، بالنظر إلى هندسته المعقدة والتي لا يستوعبها غير العاملين فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات واحتراما للقوانين الجاري بها العمل، قامت بتشجيع الشباب لخلق مقاولات وتعاونيات تمكنهم من استغلال الفحم الحجري بطرق قانونية، إضافة إلى إنشاء مجموعة من المشاريع التنموية الأخرى لإخراج المنطقة من الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي ظلت تتخبط فيها منذ أكثر من عقدين من الزمن. لكن لازال الوضع كما هو عليه لاشئ تغير، الموت بأرقام.
لكن رغم سواد الفحم ورغيفه وألامه تستمر الحياة بكل متناقضاتها…