الألباب المغربية/ أبوسفيان الكابوس
يعد التسول ظاهرة اجتماعية خطيرة، أصبحت متجدرة كالأخطبوط في المغرب، هذه الظاهرة المرضية أصبحت اليوم تطرح مجموعة من التساؤلات حول كيفية القضاء عليها.
ظاهرة التسول منتشرة في مختلف مدن المملكة، ومنها مدينة الدار البيضاء، باعتبارها القلب النابض للاقتصاد الوطني، في المقاهي وعلى أرصفة الطرقات، وفي الشوارع، ووسط الحافلات، حيث يكاد لا يخلو أي مكان في المدينة العملاقة من متسول، كما لا يمكن أن تمشي على رجليك في بعض الأحياء الراقية منها المعاريف، أنفا، غاندي.. ، حتى تصادف متسول يطلب منك بعض الدراهم، فرغم أن بلادنا جميلة جدا، إلا أن هؤلاء المتسولين يشوهون جمالها، حيث أن غالبيتهم يفترشون الأرض والأرصفة ومنهم من يتخذ مكانا دائما له للتوسل.
لقد أصبح من النادر في مدينة الدار البيضاء وأنت تقود سيارتك عندما تستوقفك إشارة المرور الحمراء عند تقاطع ما، ألا تنهال عليك، الأيادي الممدودة من مختلف الألوان والأشكال متبوعة بدعوات تحاول أن تستجدي بعض الدريهمات التي يمكن لها في نهاية النهار أن تصير مبلغا يتجاوز 500 درهما.
لقد بات من الطبيعي في مختلف تقاطعات الشوارع الرئيسية للبيضاء رؤية أناس يعرضون عاهاتهم الجسمية وحتى العقلية منها عند إشارات المرور حيث تجد ضمنهم أناسا يتظاهرون بعاهات قد اتخذوا هذه الوسيلة لكسب المال، كل واحد ينسج قصته على طريقته محاولا إستغلال تلك الدقائق المعدودات في انتظار إنطلاق إشارة المرور، هذا الوقت القصير ممكن أن يتحول إلى كمين فالكثير من أصحاب السيارات خصوصا النساء منهم تعرضوا إلى سرقات لهواتفهم أو لأغراضهم من داخل سياراتهم، كل شيء محاك ومعد مسبقا بدقة واحترافية عالية ويمر بسرعة البرق، وهناك من المتسولين من يدخل مع السائق في ملاسنات مصرا بذلك على أن يعطيه بضع دراهم بالقوة، هذه كلها أحداث يتعرض لها المواطن البيضاوي بشكل يومي وفي معظم الشوارع.
ولمحاربة هذه الظاهرة، تقوم المصالح الأمنية بالدار البيضاء، بتنسيق مع السلطات المحلية، بتسخير كل الوسائل المادية والبشرية، مستعينة في ذلك بأنظمة المراقبة بالكاميرات المثبتة بالشارع العام، من أجل الرصد المباشر والتدخل الفوري لتوقيف الأشخاص المتورطين أو منعهم من الاستمرار في هذا النشاط أو التواجد ببعض الأماكن المعروفة بالبيضاء للحد من انتشار هذه الظاهرة.
هذا ويتساءل البيضاويون عن أموال المبادرة التنمية البشرية التي منحت لمجموعة من الجمعيات بالدار البيضاء، بعد أن استفادت من دعم المبادرة في إطار برنامج محاربة ظاهرة التشرد والتسول، وخلق فضاءات مدرة للدخل لهذه الفئة.
والسؤال العريض هو من هم المستفيدين من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الذين قاموا بالتحايل على الهدف الأسمى من الانخراط فيها، في غياب التتبع والمراقبة من المصالح المعنية بعد الاستفادة من الدعم المالي؟