الألباب المغربية – محمد عبيد
سأنطق من خلال هذه الورقة في تدوين لسلسلة أوراق أخرى ترتبط وجدانا وتاريخا بالمهرجانات التي نظمت او تنظم على مستوى إقليم إفران منذ ثلاثة عقود من الآن، ماذا قدمت؟ وماذا أخرت؟ للفعل الاحتفالي بمراكز الإقليم إن الحضرية أو القروية بشأن الأغراض سواء الثقافية أو التنموية التي كثيرا ما كانت شعارات دورات مهرجانات..
البداية بالمهرجان الموؤود بإفران والسوليما…
إن كانت مدينة إفران قد عرفت قبيل التسعينات من القرن الماضي وخلال ولاية المجلس البلدي الذي كان يترأسه الحاج لحسن باخو محاولة انطلاقة لمهرجان سمي بالثقافي واجتهد منظمه في أن يستغلوا تنظيمه لاستقطاب سياسي، لم يفلح ولم تكتب له الاستمرارية مما أدى إلى وأذه في مهده… ولقد استغلت هذا الفراغ لسنوات دون احتفالية صيفية للمدينة جمعية بآزرو التي أسست سنة 1998 لتدخل مجال التنشيط وإقامة مهرجان كل صيف.. الا انه ومع مرور السنوات تبين بأن منظم مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران (كليا) وأزرو (جزئيا)، لحد الآن، لم يفلح في مسار هذا المهرجان رغم تجاوزه سن الرشد (1998 – 2023)، ولم يتمكن من جعله تظاهرة سنوية محترمة شكلا ومحتوى لاسباب كثيرا ما اعتبرها المتتبعون ذاتية واحتكار المسؤول الأول عنه كل تدابير وإجراءات وتسيير المهرجان بشكل انفرادي.
فطيلة عشرين سنة ظل منظمه تحت غطاء جمعية نادي الشاشة للطفولة والشباب بأزرو التي لا يعرف هل مازالت حية أم لا؟!! وفقط تحتفظ لنفسها بالصور في غياب جموع عامة كثيرا ما انتقد غيابها اعضاء حتى من المؤسسين حيث كثيرا ما تم عقد اجتماع في حدود ضيقة لفئة محسوبة أو تم استدراجها للحضور إلى مقر سكناه وأخذ صور بادعاء انعقاد جمع عام تغيب فيه كل الظروف الملزمة لعقده بالشكل القانوني والمعروفة في تنظيم الجموع العامة..
وظل الرئيس الأبدي للجمعية والذي يشغل مديره في نفس الوقت يجرب ويغير في أسماء تظاهرته من ”مهرجان أزرو الصيفي للفيلم المغربي القصير” إلى ”مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بأزرو وإفران”، مرورا ب”مهرجان العالم العربي للفيلم القصير” و ”مهرجان سينما أعالي الجبال للفيلم الأمازيغي” والبقية آتية ربما …
ورغم هذه الأسماء كلها ظل يدور في دائرة ضيقة وظل ثابتا في مكانه رغم تغير الوجوه المحيطة به (كديكور لا غير)، سنة بعد أخرى، في ”إدارة مهرجانه”، بسبب انفراده باتخاذ القرارات دون الأخذ برقية الاعضاء المحسوبين على تنظيم المهرجان.
يرجع هذا الجمود والتحجر الملحوظين من طرف الجميع لسبب بسيط هو أن إدارته لا تملك تصورا واضحا لمهرجان قابل للتطور من دورة لأخرى.
مهرجان راكم طيلة هذه الحقبة من الزمان تجربة سجلت عليه الكثير من الأخطاء والتي أصبحت حديث كل المنتديات المرتبطة بالسينما وثقافتها، فمن رؤساء لجن التحكيم الذين تغيبوا عن المهرجان قبل انطلاقه أو غادروه احتجاجا على طابعه الارتجالي لحظة افتتاحه أو مباشرة بعد انتهاء حفل الافتتاح..
ناهيك عن العدد الكبير من النقاد والممثلين والمخرجين والإعلاميين الذين وافقوا مبدئيا على المشاركة في إحدى فقراته (تكريم، ندوة، ورشة تكوينية، لجنة تحكيم، توقيع كتاب…) لكنهم تراجعوا في آخر لحظة وقاطعوا المهرجان بعد أن علموا ممن سبق له حضور إحدى دوراته السالفة بخوائه الفني والثقافي وعدم احترافية تنظيمه وتحكم مديره والرئيس الأبدي للجمعية المنظمة له في ”الشاذة والفاذة” بعلم وبدونه… ورغم نصائح واقتراحات ثلة من المهتمين والمتتبعين وخصوصا المساهمين في تأسيس التظاهرة سنة 1998 من أجل التطوير فضل رئيس الجمعية المنظمة والمدير الأبدي للمهرجان أن يظل متشبثا باختياراته اللافنية واللاثقافية في الغالب.
لقد أصبح مهرجان السوليما معروفا فقط باسم مهرجان عبد العزيز بالغالي عند السينفيليين بمهرجان السياحة والاستجمام، فكثير من ضيوفه المغاربة والعرب وغيرهم لا تغريهم لحضور بعض دوراته إلا فضاءات مدينة إفران الجميلة والخلابة وطقسها البارد أو المعتدل في فصل الصيف، أما ما عدا ذلك فخواء في خواء. ومن النكت التي أصبح يتندر بها المتتبعون القلائل لهذا المهرجان أن مديره يقيس نجاح كل دورة، ليس بعدد المستفيدين من ساكنة المدينة وضيوفها مما يتم تنفيذه من فقرات ثقافية وفنية وعروض سينمائية وغير ذلك، وإنما بمجرد حضور عامل الإقليم والوفد المرافق له.
فكل دورة جديدة للمهرجان تعتبر ناجحة، بالنسبة لمديره، كلما حضرها العامل ومن يرافقه ومكثوا بعض الوقت بقاعة المناظرات للاستماع إلى كلمات حفل الافتتاح، فهل المهرجان ينظم للعامل ومن معه (يحضرون غالبا حفل الافتتاح فقط) أم لتنشيط المدينة ثقافيا وفنيا في عز الصيف وتوافد السياح المغاربة والأجانب عليها بكثافة ؟؟؟ وهنا نتساءل مرة أخرى: ما هي حصيلة مهرجان بالغالي طيلة ما يناهز ربع قرن من التواجد؟ ما هي الكتب والمجلات والكاتالوغات التي أصدرها على سبيل المثال مقارنة مع مهرجانات أخرى من حجمه كمهرجان سينما الشعوب بإيموزار كندر، ومهرجان الرشيدية السينمائي في أقل عدد من مهرجاناتها السنوية وغيرهما ؟؟؟ وعلى ذكر “الكاتالوغات” و”البلاغات” فتكفي إطلالة سريعة على محتوياتها للوقوف على هشاشتها وأخطائها اللغوية والمطبعية والمعرفية العديدة… وما هي الأطر التي كونها لتضطلع بمهام التنشيط والتنظيم وتسيير الندوات وتأطير الورشات وغير ذلك من المهام ؟؟؟ فما يلاحظ هو أن أغلب مؤطري الورشات وأعضاء لجن التحكيم والمشاركين في الندوات وغيرها من الفقرات كثيرا ما يتم استيرادهم من خارج مدينة إفران، التي تحتضن كل الأنشطة، باستثناء عرض يتيم في الهواء الطلق وأنشطة طفيفة تستفيد منها مدينة أزرو، التي يوجد بها مقر الجمعية المنظمة للمهرجان.
وبحسب المواكبة لهذا المهرجان للسوليما وكما سبقت الإشارة إلى ذلك هو أن هذا المهرجان عادة ما يجري افتتاحه على رنين البندير والرقصات وبحضور العامل وبعض الضيوف الذين يغادرونه فور الافتتاح، ففضلا عن كثيرا ما سجل على عدم الالتزام ببرامجه العامة التي يتم طبعها على ورق به أخطاء كثيرة امام تعدد فقراته في غياب أي انسجام بينها هو فقط لذر الرماد في العيون والاكتفاء كالعادة (غير المحمودة) بتنفيذ المقدور عليه في غياب إدارة حقيقية للمهرجان؟؟؟
هناك جانب آخر يستأثر باهتمام المتابعين الذين يتهامسون ويتساؤلون في ذات الوقت عن قيم المنح التي يتوصل بها منظموه، إذ تفيد بعض المعلومات ان هناك من اكثر من جهة تدعمه ماليا فضلا عن منحة المركز السينما المغربي التي تبلغ 70الفا درهما، منها عمالة إفران التي تخصص له غلافا ماليا من ميزانية المجلس الإقليمي لعمالة إفران لايقل عن 40الفا درهما واخرى من المجلس الجهوي لفاس مكناس ابدا ما تم كشف قيمتها، وبالتالي بقي الغموض يسود مجموع المنح التي يتوصل بها منظمو مهرجان السوليما بإفران آزرو!؟؟.. منح يغيب علمها حتى عند المحسوبين على جمعية نادي الشاشة للطفولة والشباب إن كانت هناك من مصداقية مازالت قائمة لهذه الجمعية؟
هي فوضى تقام في ظروف غير خلاقة لحياة هذا المهرجان، الذي أساء ولا يزال لسمعة مدينة تعتبر من بين أجمل مدن المغرب، فإفران في حاجة إلى مهرجان حقيقي في مستوى قيمتها وجمالها وعدد زوارها حيث يستخلص من تنظيمه على امتداد ربع قرن من الزمان أنه حمل وهما من الأوهام التي يسوق لها صاحب المهرجان.
*#موعدنا مع اليومية التالية عن المهرجان المرود مهرجان تورتيت وعن صغيرته أميرة الثلج؟!!
