الألباب المغربية/ د. حسن شتاتو
الصحراء المغربية ليست مجرد مساحة جغرافية، بل هي جزء أصيل من تاريخ المغرب وإرثه السياسي والحضاري. قضية الصحراء كانت دائمًا مرتبطة بالسيادة المغربية، وقد برزت بشكل واضح خلال انسحاب الاستعمار الإسباني منتصف سبعينيات القرن الماضي. هذا المقال يستعرض الإحصاءات التاريخية للسكان الأصليين، الحق المغربي التاريخي، الدبلوماسية المغربية، تحركات الجزائر، والانتصار الدولي في الأمم المتحدة، مع إبراز الدروس السياسية والقانونية المستخلصة.
- الإحصاءات الإسبانية للسكان الأصليين
قبل انسحاب الاستعمار الإسباني، أقدمت الإدارة الإسبانية على إجراء إحصاء للسكان المستقرين في الإقليم عام 1974، وأسفر عن تسجيل نحو 73 ألف نسمة من السكان الصحراويين الأصليين.
- الرقم يشمل السكان المستقرين فقط، دون احتساب الرحّل الذين يتنقلون عبر الصحراء الممتدة من المحيط الأطلسي إلى حدود المغرب الشرقية والبحر الأحمر.
- هناك احتمال أن بعض الأرقام شملت رحلًا من مناطق أخرى مثل مالي، النيجر، موريتانيا، أو الجزائر، ما يعني أن العدد الفعلي للسكان الأصليين المستقرين قد يكون أقل بكثير من الرقم المعلن.
- الرحّل بطبيعة تنقلهم لا يشكلون كيانًا مستقلاً لإقامة دولة منفصلة، واستخدامهم كأساس لأي مطالبة سياسية يفتقر إلى المنطق التاريخي والجغرافي.
- الحق التاريخي والسيادة المغربية
المغرب تاريخيًا وقانونيًا كان يمارس السيادة على الصحراء:
- العرش العلوي كان يعين الولاة في الإقليم، والبيعة للسلطان كانت قائمة.
- الإدارة المغربية موجودة قبل الاستعمار الإسباني.
- مناطق مثل شنقيط كانت جزءًا من المغرب قبل أن يقسمها الاستعمار الفرنسي ويؤسس موريتانيا الحديثة.
- المغرب هو الذي وضع ملف الصحراء لدى اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، قبل أي تدخل خارجي من الجزائر أو ليبيا، مؤكّدًا الحق المغربي التاريخي والقانوني.
- المسيرة الخضراء وموقف القذافي
في أكتوبر 1975، أطلق الملك الحسن الثاني المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء بطريقة سلمية:
- القذافي كان يرغب بالمشاركة دعماً لمغربية الصحراء، لكن الملك الحسن الثاني لم يسمح له، وهو قرار يعكس حنكة الدبلوماسية المغربية وقدرتها على إدارة الوضع الإقليمي بحكمة.
- لاحقًا، حاول القذافي والجزائر تأسيس حركة البوليساريو لمعاكسة المغرب، لكن الدعم الليبي تراجع لاحقًا، مؤكداً أن المبادرة والسيادة المغربية كانت الأصلية والخالصة.
- تحركات الجزائر وحقدها الدفين
الجزائر تحركت بدافع الحقد التاريخي ومحاولة ابتزاز المغرب بهدف نيل جزء من الصحراء الغربية المغربية، وقد اقترحت تقسيم الإقليم.
- الدافع الأكبر كان تعطيل مطالبة المغرب بصحرائه الشرقية وحدوده الحقة التي ورثتها الجزائر عن الاستعمار الفرنسي.
- الجزائر سخرت كل إمكانياتها السياسية والمالية، وصرفت الملايين لمحاولة معاكسة المغرب، فضلاً عن استخدام بعض الدول للضغط على المملكة بهدف تقويض الحق المغربي.
- الانتصار الدبلوماسي المغربي
رغم كل الضغوط، تمكنت الدبلوماسية المغربية من تحقيق انتصار كبير في الأمم المتحدة:
- أصبح مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد المعترف به دوليًا.
- هذا الانتصار يؤكد أن المغرب تمسك بحقوقه التاريخية والقانونية ونجح في مواجهة محاولات الابتزاز والضغط من بعض الدول والمنظمات الدولية.
- الإجراءات المستقبلية
بعد هذا الاعتراف، يجب اتخاذ خطوات عملية وحاسمة:
- تطهير المشهد الإقليمي من الكيانات الانفصالية غير الشرعية، مثل البوليساريو.
- استكمال الوحدة الترابية على أساس الحدود التاريخية والحقة للمغرب، بعيدًا عن الحدود الاستعمارية المفروضة.
- تعزيز الشرعية التاريخية والقانونية للصحراء المغربية في كل المحافل الدولية، والتصدي لأي محاولات لتغيير الوضع القانوني أو السياسي.
الخلاصة
- السكان الأصليون المستقرون قبل انسحاب إسبانيا لا يتجاوزون 73 ألف نسمة، وربما يكون العدد الفعلي أقل بعد استبعاد الرحّل والمهاجرين من مناطق مجاورة.
- الصحراء المغربية حق تاريخي وقانوني ثابت، والدبلوماسية المغربية أثبتت قدرتها على حماية هذا الحق رغم محاولات الابتزاز والحقد الدفين للجزائر.
- المرحلة القادمة تتطلب حسم ملف الصحراء بشكل نهائي وفق المعايير التاريخية والقانونية والسياسية، واستكمال الوحدة الترابية على أساس الحدود الحقة، لتكون المملكة المغربية كاملة متماسكة السيادة.