الألباب المغربية/ يونس وانعيمي
مع قرب كل استحقاق، تنطلق فوهة المدافع لتعلن عن انطلاق تهافت سياسي مندفع. هذه السنة، هناك “تهافت على تهافت” حيث الأمر يتعلق، ليس بالتنافس الانتخابي فقط، بل يتعلق بالعقيدة الانتخابية برمتها، وهل ما يزال مؤمنون بها، وكيف السبيل لقطع الطريق عن السفسطائيين والمارقين المزدرين بقيمتها السياسية.
يدور حديث ينذر بتوجه السلطات، وزارة الداخلية والحكومة إلى وضع تدابير خاصة يتم بموجبها معاقبة و”تقليم أظافر” كل من سوت له نفسه التشكيك في “جهاز الانتخابات” ابتداء من البنية المنظمة وانتهاء بمآلاتها السياسية وإفرازاتها الوظيفية. فكما المقررات القضائية محمية من “التدنيس” وصارمة مع الازدراء وواقفة لمواجهة الضحد والتشكيك، فبنية الانتخابات اليوم، تريد الاستمتاع بنفس شكل ومضمون هذا التحصين حيث لا أحد من اليوم يمكنه أن يشكك في وظائف هذه البنية ومخرجاتها. اليوم يراد إخراج الانتخابات من “حضرة” التشكيك الشعبي وإلباسها “حصانة” شبه قضائية ومناعة أمام التخسيس والازدراء.
الاستفتاءات كانت لحدود اليوم، هي ما يستمتع لوحده بحصانة فوق دستورية أمام التشكيك الشعبي. حيث لا مجال لازدراء استفتاء المغاربة حول قضاياهم المصيرية. اليوم ولأن بنية الانتخابات أحست بإرتهال ونقصان الإجماع حول أهمية وظائفها وما لذلك من أثر وخيم على تشكيل مؤسسات الدولة التنفيذية (الآمرة بالصرف) فإن أولى ردود أفعال التقويم توجهت إلى حصر مد الشك والازدراء المفضيين للعزوف والمقاومة الشعبية. الدولة تحس قبل الجميع بأن قيمتها المستدامة مرتبطة بجو اقتراعي استحقاقي طبيعي يضخ في أسلاك الدولة نخبا جديدة متواترة.
نتيجة هذا الحرص حول حماية بنية الانتخابات من الازدراء ستكون كارثية على الديمقراطية كبنية فوق -انتخابية.. كارثية إذا لم يحدد حماة قلعة الانتخابات شكل وأطراف هذا الازدراء المراد محاربته، والأهم، وضع حدوده لكي لا ينتهي الأمر بهم بمحاربة الديمقراطية نفسها (المنتقدة في العمق لكل عملية انتداب).
نتيجة هذا الحرص، إذا لم تواكبها التقويمات الضرورية لبنية صناعة النخب السياسية، سيكون بمثابة وضع العربة أمام الحصان، وستتحول ممارسات تحررية نقدية طبيعية إلى طابوهات وسيحصل تكتم عام عن إعوجاجات جارية.
الانتخابات فعل ديمقراطي يجب الحرص على مراقبته أخيرا.. مراقبة آلياته، وتقليص كل هوامش الربع والعبث والتخلف فيه.. وهي هوامش كثيرة كانت هي سبب العزوف وهي المفضية لسلوكيات الازدراء ربما كشكل عابث غير نظامي. حماة بنية الانتخابات دورهم إصلاحي بشكل كبير وليس رقابي “كهنوتي”.