الألباب المغربية/ نادية عسوي
أعلنت لجنة نوبل هذا العام عن منح جائزة السلام للمعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، تكريمًا لمسيرتها الطويلة في الدفاع عن الديمقراطية، ونضالها السلمي ضد القمع في بلدها.
امرأة واجهت العنف بالكلمة والاستبداد بالأمل، وظلت تؤمن أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بكرامة ووعي.
لم تملك جيشًا ولا نفوذًا، لكنها امتلكت شجاعة الوقوف في وجه الخوف، وإصرارًا على التغيير دون أن تلوّث يديها بالدم.
وفي المقابل، هناك من يتحدث عن “حقه” في الجائزة كما لو كانت وسامًا يُمنح لمن يعلو صوته أكثر من غيره، ناسيًا أن السلام ليس خطابًا يُلقى ولا صفقة تُبرم، ولا سلاحًا يُفرض به النظام.
السلام فعلٌ إنساني يبدأ بالاعتراف بحق الآخر في الحياة، لا بإنكار وجوده أو التلويح بالقوة في وجهه… كيف يمكن لمن يزرع الانقسام أن يحصد السلام؟ وكيف لمن يقايض الشعوب على ثرواتها أن يدّعي نصرة العدالة ؟
السلام لا يقاس بمقدار النفوذ، بل بمدى القدرة على الإصغاء للوجع الإنساني.
إنه لا يُصنع بالكلمات التي تُقال على المنابر، بل في الصمت الذي يسكن القلوب بعد الحرب، في يدٍ تمتدّ دون خوف، في نظرةٍ لا تعرف الكراهية.
ماريا كورينا لم تفرض السلام بالقوة، بل أثبتت أن الشجاعة الهادئة أقوى من الصراخ، وأن الإيمان بالإنسانية هو الثورة الأجمل.
ربما لهذا اختارتها لجنة نوبل، لتذكّرنا أن السلام ليس مكافأةً للأقوياء، بل تكريمٌ للذين يصمدون في وجههم. فالسلام لا يُصنع بالديناميت، بل بالضمير.
ولا يُنحت على جدار السلطة، بل في وجدان الشعوب التي تتعلم أن تحبّ رغم الجراح.