الألباب المغربية/ د. حسن شتاتو
لقد آن الأوان أن نقولها بلا مواربة: الأحزاب السياسية في المغرب ليست أدوات بناء، بل مقابر للوطن، ومسرحاً لانتهازيين لا يجيدون سوى لعبة الكراسي والولاء للمصالح الضيقة. منذ عقود ونحن نتجرع نتائج هذا العبث: مجالس عاجزة، حكومات رخوة، وقيادات لا تعرف من الوطنية سوى خطابات جوفاء تُطلق عند الحاجة.
أحزابنا ولّادة للفشل: حيناً بانعدام الكفاءة، وحيناً بانعدام الوطنية، ودائماً بتقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة. الأخطر أنها عديمة المبادئ، تكشر عن أنيابها مع اقتراب الانتخابات فتدخل في حالة “صُعار سياسي”، تبيع الوهم، وتشتري الأصوات بفتات، لتصل إلى السلطة لا من أجل الشعب بل من أجل مصالحها، وأحياناً من أجل أجندات خارجية. فكيف يمكن لوطن أن ينهض بأحزاب تُغذي الفساد وتعيش على أنقاض المواطن؟
إن الانتخابات في صورتها الحالية ليست سوى مسرحية بائسة. ما دامت هناك أصوات تباع وتشترى، وما دامت الكراسي تُوزع بمنطق الغنيمة، فلن تُفرز إلا نفس الوجوه الفاشلة. إنهم جميعاً في سلة واحدة: من “تجار الدين” الذين ابتذلوا العقيدة في أسواق السياسة، إلى “الليبراليين الجدد” الذين استنزفوا جيوب المغاربة بالضرائب والديون. كلهم ساهموا في إفراغ المواطن من روح الانتماء وتحويله إلى مجرد رهينة في يد الأزمة الاقتصادية.
اليوم، لم يعد مقبولاً أن يُترك مصير المغرب رهينة لهذه الأحزاب العاجزة. الحل الحقيقي يمر عبر تدخل ملكي مباشر، يُلغي هذه الانتخابات الفاسدة، ويشكل حكومة وطنية قوية تحاسب أمامه وفق آليات دقيقة وصارمة. حكومة لا مكان فيها لزبناء الأحزاب، بل لأبناء الوطن الحقيقيين.
وهنا يبرز دور مغاربة العالم، هذه الطاقات الهائلة التي هاجرت مكرهة أو بحثاً عن كرامة افتقدتها في الداخل. إنهم اليوم يمثلون نخبة علمية، اقتصادية، ودبلوماسية لا يستهان بها. المغرب يحتاج إلى أن يُشرك أبناءه في الخارج في صياغة القرار، سواء في الحكومة أو في مؤسساته الدبلوماسية. فهم يعرفون كيف تُدار الدول الكبرى، كيف تُبنى الاقتصادات القوية، وكيف تُصان صورة الأوطان في المحافل الدولية. إقصاؤهم خطيئة كبرى لا تقل خطورة عن فساد الأحزاب.
إن مستقبل المغرب لن يُبنى بشعارات انتخابية زائفة، بل بعقول نيرة وأيدٍ نظيفة، سواء في الداخل أو الخارج. وآن الأوان أن تُفتح الأبواب لمغاربة العالم كي يكونوا شركاء حقيقيين في الحكم والدبلوماسية، لا مجرد “أبناء جالية” يُذكرون في خطابات المناسبات.
إما أن نقطع مع هذا العبث الحزبي جذرياً، أو نظل ندور في حلقة مفرغة من الفشل والخيبة