الألباب المغربية/ شاشا بدر
التعليم الجامعي عن بعد أصبح اليوم واحداً من أهم الحلول الذكية التي يمكن أن تغير وجه الجامعة المغربية وتفتح باب الأمل أمام آلاف الشباب الذين حصلوا على شهادة البكالوريا منذ سنوات طويلة ولم تسمح لهم ظروفهم بمتابعة الدراسة الجامعية في وقتها. فالأزمة التي تعيشها جامعاتنا اليوم ليست فقط اكتظاظ المدرجات وقاعات الدروس، بل أيضاً فقدان فرص التعليم لفئة عريضة من المواطنين الذين يظلون خارج أسوار الجامعة بمجرد مرور سنوات على حصولهم على البكالوريا وكأن الباب قد أغلق نهائياً في وجوههم.
فكرة فتح أبواب التعليم الجامعي عن بعد أمام أصحاب البكالوريا القديمة هي في جوهرها عدالة اجتماعية قبل أن تكون قراراً تربوياً، لأنها تعيد الاعتبار لمواطنين لم تسنح لهم الظروف في الماضي سواء بسبب العمل أو البعد الجغرافي أو ظروف مادية صعبة. التعليم عن بعد سيمنحهم الفرصة لتصحيح المسار وتحقيق حلم الحصول على شهادة جامعية دون أن يضطروا لمغادرة أعمالهم أو مدنهم.
إضافة إلى ذلك، التعليم عن بعد سيكون حلاً عملياً لمعضلة الاكتظاظ الجامعي التي تعاني منها الجامعات المغربية كل موسم دراسي. فعدد المقاعد محدود وعدد الطلبة الجدد في تزايد مستمر، والمدرجات لم تعد تتسع لهذا الكم الهائل من الطلاب. الاعتماد على النظام الرقمي، المحاضرات المصورة، المنتديات التفاعلية، والاختبارات الإلكترونية سيخفف الضغط على البنية التحتية ويتيح للجامعات تقديم تعليم بجودة أفضل وبأقل كلفة.
هذه الخطوة أيضاً ستخلق جيلاً جديداً من الطلبة الناضجين، الذين يدرسون بإرادتهم الحرة وليس فقط لمجرد الحصول على شهادة. أصحاب البكالوريا القديمة غالباً ما يكون لديهم وعي أكبر بقيمة الوقت والعلم، ما قد يرفع من مستوى النقاشات وجودة البحوث الجامعية ويعطي نفساً جديداً للجامعة المغربية.
المغرب اليوم أمام فرصة تاريخية لاعتماد نظام جامعي مرن يدمج التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد، ويوسع دائرة الاستفادة من الحق في التعليم، ويحول الجامعة إلى فضاء مفتوح لكل من يطمح إلى التعلم بغض النظر عن سنه أو سنة حصوله على البكالوريا. هذه ليست رفاهية بل ضرورة وطنية إذا أردنا أن نربح رهان التنمية ونخلق مجتمعاً أكثر عدلاً ومعرفة..