الألباب المغربية/ الحجوي محمد
في حي المرس الهادئ، حيث تبدو الحياة بسيطة والهموم يومية، تدور أحداث قصة هي مزيج من الخيانة والقسوة، ولكن أيضًا من الحب الأمومي الذي لا يعرف الكلل. هذه حكاية شابة في ربيع عمرها الثانية والعشرين، روتها بلسانها، تكشف عن ليلة من الرعب لم تكن تتخيلها في أسوأ كوابيسها.
كانت الشابة في منزلها، تنتظر عودة والدتها المطلقة التي تعمل بجد لتربيتها، وتهتم هي بشؤون البيت بانتظارها. في حدود الواحدة بعد الزوال، قطع صمت الانتظار طرق على الباب. عند الباب، وجدت مفاجأة من الماضي: زميلة سابقة لها من أيام التكوين المهني، قبل أن تنحرف عن المسار القويم، وكان برفقتها شاب على دراجة نارية.
بعد تحيات مختصرة، لم تترك لها الزميلة السابقة وقتًا للتفكير، أخبرتها بأن والدتها قد تعرضت لحادث سير خطير على طريق قروية. انقلب عالم الشابة رأسًا على عقب بالغريزة والقلق، أغلقت الباب وركبت معهما على الدراجة النارية، تتوسطهما، متجهة إلى حيث قيل إن أمها مصابة.
لكن مع بداية السير على الطريق القروية المتجهة إلى أولاد بوكرين، بدأ الشك يتسلل إلى قلبها. شيء ما لم يكن صحيحًا. وعندما طلبت أن ينزلوها، تحولت اللحظة من القلق إلى الرعب. استلت الفتاة التي خلفها سكينًا ووضعته على خصرها، طالبة منها الصمت والهدوء حتى الوصول إلى الوجهة.
لم تكن الوجهة للمستشفى، بل ضيعة فلاحية نائية. هناك، وجدت شخصين آخرين في انتظارهم. تحول كابوس الشابة إلى واقع مظلم، تم احتجازها وتعرضت لاعتداء جنسي من قبل اثنين من المجرمين، بينما بقي الثالث يراقب.
ليلة طويلة من الألم والخوف والذل، لم تنته إلا في حوالي الثانية صباحًا، عندما قرروا التخلص منها.
ألقوها أمام ثكنة للمخزن المتنقل رقم 42، وكأنهم يرسلون رسالة استهزاء بالقانون. من هناك، وبقوة إرادة لا توصف، تمكنت من العودة إلى منزلها، لتفاجأ بوالدتها التي قضت المساء وليلته في البحث عنها، مجنونة من الخوف.
لم تتردد الأم لحظة، قررت أن تقف إلى جانب ابنتها وتنال حقها، توجهت لتقديم شكاية أمام الدرك الملكي، الذي أحالها بدوره إلى مصالح الأمن الوطني، لأن بداية الجريمة وقعت ضمن اختصاصهم الجغرافي في مدينة قلعة السراغنة.
ومنذ تلك اللحظة، تدور عجلة العدالة.. منذ الساعة الرابعة صباحًا، وفرقة الشرطة القضائية بأمن قلعة السراغنة تعمل تحت إشراف الوكيل العام للملك وتوجيهاته. تم فتح بحث معمق في الموضوع، وعُرضت الضحية على طبيب بالمستشفى الإقليمي للسلامة لتوثيق الإصابات. حتى أن دوريات مشتركة بين الأمن الوطني والدرك الملكي خرجت للبحث عن المطلوبين للتحقيق، الذين تم تحديد هوياتهم ومكان تواجدهم المحتمل، سواء في الضيعة أو في المنطقة القروية.
إلى حدود هذه الساعة، لم يتم القبض على أي من المشتبه فيهم بعد، ولكن البحث والتحقيق لا يزالان مستمرين بكل عزيمة. القصة لم تنته هنا. إنها قصة صراع بين الشر واستقامة القانون، بين اليأس وأمل الأم في أن تنتصر العدالة لابنتها. وهي تذكير صارخ بأن الشر قد يظهر في أي مكان، لكن الأمل والقانون يعملان لاستعادة الحق.