الألباب المغربية / رشيد اخراز- جرادة
مرة أخرى يجد المواطن البسيط نفسه في مواجهة قوانين وقرارات وغرامات لا ترحم، آخرها الجدل القائم حول الدراجات النارية ذات المحركات المعدلة.
الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية خرجت لتعلن أن أغلب الحوادث سببها هذه الدراجات، وطالبت بتشديد المراقبة باستعمال آلات لقياس السرعة، وكأن الحل يكمن في مطاردة كل من يمتطي دراجة نارية!
لكن الحقيقة المرة أن الضحية الأولى لهذا القانون هو المواطن الفقير، الذي اشترى دراجة من الشركة وهي معدلة أصلاً، لا ليتسابق في الشوارع، بل ليحمل عليها قوته اليومي وليتنقل عليها لمسافات طويلة وعبر مسالك طرقية وعرة من أجل العمل والكد .
كثيرون هم من يعتمدون عليها في تنقلاتهم بين القرى والجبال، في أماكن لا تصلها وسائل النقل العمومي. فهل المطلوب من هؤلاء أن يتوقفوا عن العمل ويجلسوا في بيوتهم لأن الدولة قررت أن تعاقب الجميع بدل معاقبة المتهورين فقط ؟، الأدهى من ذلك، أن المؤشرات كلها تدل على أن وراء هذا القانون مصالح خفية. فهل الهدف هو محاربة الحوادث حقاً؟ أم تصفية السوق لصالح شركات معينة على حساب الدراجات الصينية التي يلجأ إليها الفقراء؟ إذا كان الأمر كذلك، فالمعركة تجارية بحتة، ولا علاقة لها بالسلامة الطرقية.
الشباب الطائشون الذين يتسببون في الكوارث معروفون بأماكنهم وسلوكياتهم، والدولة إن أرادت قادرة على ردعهم واحداً واحداً. أما تحويل القانون إلى سيف مسلط على رقاب البسطاء، فذلك ظلم فاضح وضرب مباشر للعدالة الاجتماعية.
القوانين العمياء لا تحمي الأرواح، بل تخلق أزمات جديدة وتزيد من نقمة الشارع. فبدل أن تبحث الدولة عن حلول حقيقية لحوادث السير، اختارت الطريق السهل: التضييق على الضعفاء.
السؤال الصارخ: متى سيتوقف استهداف المواطن البسيط؟ إن الحاجة اليوم ليست إلى قوانين عشوائية، بل إلى حلول متوازنة تراعي حق المواطن في العمل والتنقل، وتضبط في الوقت ذاته المخالفين الذين يعرضون الأرواح للخطر.