الألباب المغربية
في تطور جديد ينذر بتصاعد التوتر داخل قطاع الإعلام، عبّر المكتب الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، عن أسفه العميق لاستمرار الحكومة في نهج ما اعتبره “أسلوبًا أحاديًا” في التعاطي مع مقترحات تعديل قانوني المجلس الوطني للصحافة والصحافي المهني.
وأكدت الجامعة، في بلاغ أعقب اجتماعًا استثنائيًا عقدته يوم الاثنين 14 يوليوز الجاري، أن الحكومة تجاهلت المقاربة التشاركية، التي طالما شكلت ركيزة في معالجة قضايا القطاع، مبدية استغرابها من إعادة تقديم المشروعين رقم 25- 26 و25-27 للبرلمان دون استشارة المهنيين ولا إشراك التنظيمات النقابية، رغم تعهدات سابقة من الوزير الوصي على القطاع خلال لقاء جمعه بالمكتب الوطني في مارس الماضي.
وأوضحت الجامعة أن مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة جاء محملاً بعدة مقتضيات مثيرة للجدل، أبرزها “اقتراح انتخاب ممثلي الصحافيين عن طريق الاقتراع الفردي المباشر”، ما اعتبرته الجامعة “إضعافًا لصوت الصحافيين وتقليصًا لدور الهيئات المهنية”، لصالح اعتبارات شخصية على حساب العمل النقابي المنظم.
كما انتقد البلاغ توجه الحكومة إلى “إلغاء مبدأ انتخاب ممثلي الناشرين وتعويضه بالانتداب”، معتبرًا أن هذه الخطوة ستمنح حصة الأسد للمقاولات الكبرى المستفيدة من الإعلانات والموارد المالية الضخمة، مع إقصاء المقاولات الصحفية المتوسطة والصغرى، وهو ما وصفته الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال بـ “انحياز واضح لقوة رأس المال” على حساب مبدأ الإنصاف.
ولم تُخف الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال قلقها من “توسيع الصلاحيات الزجرية للمجلس الوطني للصحافة”، خاصة فيما يتعلق بسلطة توقيف الصحف الرقمية والورقية، مؤكدة أن هذه الصلاحيات تظل اختصاصًا أصيلًا للقضاء ولا يجوز نقلها إلى جهاز تنظيمي.
في المقابل، دعت الجامعة الوطنية مختلف الفرق البرلمانية بمجلسي النواب والمستشارين إلى إدخال “تعديلات جوهرية” تأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والمذكرات التي رفعتها الجامعة في وقت سابق، مطالبة بضرورة فتح حوار جاد حول أي مشروع يهم الجسم الصحفي.
كما وجهت دعوة إلى جميع الهيئات النقابية والجمعوية العاملة بالقطاع الإعلامي لـ “التنسيق فيما بينها”، استعدادًا لخوض أشكال نضالية مشتركة دفاعًا عن “التنظيم الذاتي الفتي بالمغرب” وصونًا لحريات الصحافة والرأي من أي مشاريع تراها الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال “تكبيلية”.
ويأتي هذا التصعيد في وقت ما يزال فيه موضوع إصلاح قوانين المجلس الوطني للصحافة مثار جدل واسع، خصوصًا وأن الجسم الصحفي يرى في غياب المقاربة التشاركية “نكسة” لسنوات من التراكم في حرية الصحافة والتنظيم الذاتي، فيما تعتبر الحكومة أن التعديلات تهدف إلى تجويد الممارسة وضبطها وفق متطلبات المهنة.
ويظل مصير المشروعين رهين النقاش داخل البرلمان، ومدى تجاوب الحكومة مع مقترحات الصحافيين. وفي انتظار مخرجات هذا النقاش، يرى مهنيون أن معركة استقلالية الصحافة وتنظيمها الذاتي ستظل مفتوحة، محذرين من أي محاولة للعودة إلى “ممارسات الماضي” التي تجاوزها المغرب بفضل التراكم الحقوقي والتعاقد الجماعي بين الدولة والمجتمع.