الألباب المغربية/ ميمونة الحاج داهي
ماذا لو نهض الاتحاد بوجه أنثوي؟ حسناء أبو زيد على رأس الاتحاد الاشتراكي؟
حين تفشل الأحزاب في تجديد نخبها، لا تخسر الانتخابات فقط، بل تخسر المعنى… وتُصبح مجرّد هيكل يردّد خطاباً لا يصدّقه حتى من كتبه.
أكتب هذه الفرضية كما أكتب مذكّرة شخصية، لا مقترحًا سياسيًا. أتخيّل، وأتساءل، لا أطلب ولا أقرّر.
أشارك معكم هذا التمرين الجميل الذي نحتاجه كثيرًا: أن نفكر بصوت عالٍ، خارج الصناديق، فوق الضوضاء، وما بين السطور.
- المفصل الأول / امرأة تُوقظ ذاكرة حزب ؟
الاتحاد الاشتراكي، الذي أحببناه ذات زمن لأنه كان جريئًا، صادقًا، منحازًا للفقراء… يبدو اليوم حزبًا مُتعبًا. هو لم يتعب فقط من الانتخابات، بل من نفسه، من وعوده القديمة، من تاريخه الكبير، من خيباته المتراكمة.
والغريب ؟ أن الجميع يعرف ذلك، ولا أحد يملك الجرأة ليقول: “فلنبدأ من جديد”.
هل يمكن أن تأتي امرأة بهذا القرار؟
أعرف أن السياسة ليست قصيدة، لكنني أعرف أيضًا أن الأحزاب لا تتجدد بالخطب، بل بالبشر.
وحسناء أبو زيد، أحببناها أو اختلفنا معها، هي من ذلك الطراز القادر على إيقاظ الأسئلة التي نامت في ملفات الحزب.
- المفصل الثاني/ يسار يتكلم بلسان الناس؟
أجمل ما في خطاب حسناء أنه لا يتعالى على الناس. تعرف كيف تُلخّص الأزمة دون أن تُفرغها من تعقيدها. حديثها عن التعليم، عن الكرامة، عن العدل… ليس تكرارًا لشعارات قديمة، بل تذكير بما كان يجب ألا ننساه.
في زمن تغيّر فيه كل شيء، يمكنها أن تُعيد لليسار المغربي شيئًا من بساطته الأولى: أن تكون إلى جانب الناس، لا فوقهم. لكن… هل يسمح الحزب لنفسه أن يُصدّق هذا الخطاب مرة أخرى؟
وهل يملك من الشجاعة ما يكفي ليرى في “صوت نسوي جاد” فرصة للانبعاث، لا خطرًا على التوازنات القديمة؟
- المفصل الثالث/ القيادة لا تشبه المعارضة
لطالما عبّرت حسناء أبو زيد عن نفسها بشجاعة، لكن الشجاعة وحدها لا تصنع قيادة.
حين تنتقل من موقع الغضب إلى موقع القرار، تتغير المعادلات.
يُصبح عليك أن تقنع من لا يحبك، أن تحاور من خذلك، أن تُساير من لم تفهمه يومًا.
فهل يمكن لحسناء أن تكون تلك الزعيمة التي تجمع بين حدّة المبدأ ومرونة التدبير؟
هل تقدر على أن تتحوّل من صوت احتجاجي إلى عقل جماعي يدير مؤسسة حزبية متهالكة؟
أم أن الحزب سيأكلها كما فعل مع غيرها؟
- المفصل الرابع/ حزب بلا ناس؟
كلنا نُدرك أن الاتحاد خسر جزءًا كبيرًا من قاعدته. بقي له الاسم، والرمز، وبعض الحنين.
لكن الأحزاب لا تعيش على الذكرى. حسناء، إن أحسنت الإصغاء، قد تكون قادرة على إعادة تعريف العلاقة بين الحزب وناسه، أن تُخرج الاتحاد من مقراته الجامدة، وتعيده إلى مقاهي الطلبة، إلى أسواق البسطاء، إلى طوابير الانتظار في المستشفيات. ذلك هو الامتحان الحقيقي.
- المفصل الخامس/ هل تقود حسناء حكومة؟
دعونا نذهب بالخيال أبعد قليلاً. ماذا لو عاد الاتحاد الاشتراكي إلى صدارة المشهد؟
هل تقود حسناء حكومة يسارية الهوى؟ أم تضطر لمسايرة تكنوقراط لا تشبههم، ولا يشبهونها؟
السياسة لا تسير بالرغبات وحدها، ولكن من قال إننا لا نملك الحق في الأمل؟
من قال إن حسناء لا يمكن أن تجمع نساء الهامش، ورجال الفكر، وشباب التغيير، حول مشروع فيه بعض من “حلم اليسار” وكثير من “جدية البناء”؟
- الريتاج/ لا نريد بديلاً عن لشكر، نريد بديلاً عن الجمود
أنا لا أطلب زعامة نسوية لمجرد أنها نسوية، ولا أبحث عن بديل لإدريس لشكر فقط لأنه رجل.
ما أريده ـ كمواطنة، ككاتبة، كمغربية تفكر وتقلق ـ هو أن أرى الاتحاد يتحوّل من جديد إلى حزب حيّ، يشتبك، يقترح، يخطئ ويُراجع. وإن كانت حسناء أبو زيد قادرة على ذلك، فلتتقدم.
وإن لم تكن، فليأتِ غيرها.
المهم أن نخرج من هذا الصمت، من هذه القناعة الخطيرة بأن السياسة لعبة لا تستحق أن تُؤخذ على محمل الجد، شاركت هذا معكم، لأنني، ببساطة، لا أحب أن أفكر وحدي.