الألباب المغربية/ أحمد زعيم
شهدت مدينة الفقيه بن صالح مؤخرا افتتاح الفضاء التجاري للقرب، في خطوة تهدف إلى إنهاء مظاهر العشوائية التي ظلت لعقود تطبع السوق اليومي المعروف محليا بـ”الجوطية”. فقد شكل هذا الفضاء التجاري سابقا نقطة سوداء وسط المدينة، بسبب انتشار الخيام المصنوعة من القصدير والقصب والثوب، ووجود بنايات متهالكة، إضافة إلى أكوام النفايات، وبيع اللحوم والأسماك في ظروف لا تستوفي أدنى شروط السلامة الصحية، وتحت أشعة الشمس المباشرة.
ورغم أن السوق الجديد تم تجهيزه بالماء والكهرباء، ويقدم فضاء منظما يحترم المعايير الصحية، خصوصا لبائعي اللحوم والأسماك والخضر، إلا أنه لم ينجح في استقطاب الباعة الجائلين. وظلت مظاهر الفوضى واحتلال الملك العمومي والعربات المتجولة حاضرة في مختلف شوارع وأزقة المدينة.
وعبر عدد من الباعة المتجولين، خلال وقفة احتجاجية وتصريحات إعلامية، عن استيائهم مما اعتبروه فشلا في تحقيق أهداف المشروع. واشتكى هؤلاء من عدة إكراهات صعبت عليهم الاستقرار في السوق، من أبرزها غلاء السومة الكرائية، وبُعد الموقع عن مركز المدينة، وغياب الإنارة العمومية في الطرق المؤدية إليه، وانبعاث الروائح الكريهة من قنوات الصرف الصحي. وصرحت إحدى المحتجات قائلة: “لا بيع ولا شراء، الحركة ضعيفة، ونحن فقط جالسون نراقب المحلات دون زبائن”.
في المقابل، لا تزال المقاهي والمحلات التجارية تحتل الأرصفة والملك العمومي، بينما تواصل العربات الجائلة أنشطتها بشكل عشوائي، في غياب واضح لأي تدخل تنظيمي أو مراقبة ميدانية فعالة.
أمام هذا الوضع، تُطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل السوق النموذجي: هل سيكتب له النجاح في قادم الأيام؟ أم أنه سينضاف إلى لائحة المشاريع التي وُلدت ميتة؟ وكيف ستواجه السلطات المحلية والجماعة الترابية تحديات البيع العشوائي، واحتلال الملك العمومي والعربات المتجولة بما يضمن إعادة تنظيم المجال التجاري واستقطاب الباعة والمستهلكين إلى هذه الفضاءات الحديثة؟