الألباب المغربية
احتضن رواق نوسباوم ريدينغ في بروكسيل، أمس الأربعاء 23 أبريل الجاري، افتتاح معرض للفنانة التشكيلية فتيحة الزموري، التي تسلط الضوء في أعمالها على “التراب كمادة تشكيلية مركزية”، في دعوة إلى العودة للجذور، ومساءلة “المعالجة الهدامة” للأرض الحاضنة.
ويقدم المعرض، الذي يحمل عنوان “Earthline”، نحو ثلاثين عملا فنيا يكشف عن جغرافيا “حساسة”، شكلتها اليد والزمن، وخطوط محفورة كشقوق في الذاكرة أو تصدعات في القشرة الأرضية، ما يُنتج عوالم هشة ومتقلّبة لكنها تنبض بالحياة.
وتبعث هذه الأعمال حياة جديدة في الخشب ذي الألوان الدافئة وتربة منطقة تحناوت، حيث أقامت فتيحة الزموري ورشتها الفنية. وفي جميع لوحات المعرض، الذي ينظم بتعاون بين رواق نوسباوم ريدينغ وسفارة المملكة المغربية في بلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، تتحول المادة – التربة إلى لغة بصرية تحاكي تشققات الأرض وخطوطها الغرافيكية، حيث لا يكتفي التراب بحمل آثار الأقدام، بل يصبح شاهدا ومرشدا وراويا.
وقالت الفنانة التشكيلية في تصريح لها بالمناسبة، بمناسبة افتتاح المعرض، الذي حضره السفير المغربي محمد عامر، إن فكرة هذا العمل انبثقت من تأمّلاتها في أرض تحناوت خلال موسم الحرث.
وأشارت إلى أن هذا الضوء الذي يميز المغرب، إلى جانب التربة الغنية والنابضة بالحياة بلونيها البني والأحمر في منطقة مراكش، شكّلت مصدر إلهام خريجة مدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، حيث قامت بتجارب تشكيلية حقيقية على التراب كمادة، بهدف الوصول إلى تأثيرات بصرية قوية تزاوج بين التعبير الغرافيكي واستحضار مشاهد الحرث كما لو كانت تُرى من الأعلى.
وترى الزموري، أن أهمية التشققات والجفاف الظاهر في لوحاتها تتمثل في “التساؤل عما نفعله بهذه الأرض التي تغذينا”.
وأضافت: “ليس لدي رسالة محددة أنقلها، بل هي دعوة للتأمل ومحاولة لإبراز جمال الأرض حتى يعود الناس إلى الجذور، والتأمل في هذه الألوان الترابية والأحجام والظلال”، مبرزة أنها تركز في أعمالها على ثنائية القوة والهشاشة، وهو ما يتجلى – حسب قولها – في تشققات اللوحات التي تمنح المشاهد انطباعا بأنها على وشك الانهيار، غير أن قوة الخطوط والمادة تمنح العمل تماسكه وقوته.
ويجسد هذا المعرض، الذي يستمر إلى غاية 28 يونيو المقبل، رؤية فتيحة الزموري حول مفاهيم البناء، والهدم، والتجدد، والتحوّل، من خلال لغة تشكيلية متعددة الأوجه.
وتحتل الظواهر الطبيعية (الماء، النار، الأرض) والمواد الخام مثل الخشب والفحم والتربة، مكانة محورية في أعمالها، حيث تستخدم لغة تجريدية لتبسيط أشكال الطبيعة، حيث تضفي هشاشة ورقة المواد التي تستخدمها طابعا شاعريا على أعمالها.
وخلال مسيرتها الفنية الحافلة، أقامت الفنانة المغربية، التي رأت النور في الدار البيضاء سنة 1966، العديد من المعارض الفردية وشاركت في عدة تظاهرات فنية حول العالم. وتُعرض أعمالها في العديد من المجموعات الفنية الوطنية والدولية الكبرى.