الألباب المغربية/ سعيد آيت حم
كلما تكلم هذا أو ذاك عن أحد الفرق الوطنية إلا وينطق مدينة إنتماء الفريق كحسنية أكادير والفتح الرباطي والنادي القنيطري وعمل بلقصيري والكوكب المراكشي والمغرب الفاسي و… إلخ.
هنا سنتطرق للرجاء والوداد البيضاويين… كان للفريقين باع طويل في التنافس، معتمدين على أبناء المدينة، أي مدينة الدارالبيضاء، حيث كان للحمر ارتباط قوي بالمدينة القديمة من درب الإنكليز والبحيرة ودرب الطاليان… وكان للخضر ارتباط متين بدرب السلطان، درب بوشنتوف ودرب الشرفاء ودرب الفقراء و… كانت المتعة في الإسمين معا، لمجرد ذكر الرجاء أو الوداد كان للذاكر إحساس بالنشوة… كان التعايش والحب والمودة يجمع الفرقاء…. لهم إختلاف واحد، هو فرحة هذا وتحسر ذاك عند تسجيل الهدف… يقتسمون الطريق والخبز والشاي والنكت والمجالس…. يسود الإحترام ولا تغيب المودة رغم شدة المنافسة والمبارزة… كانت مكونات الفريقين لا تخرج جغرافيا عن نطاق مدينة الدارالبيضاء إلا لماما… هذا الفريق أو ذاك يطعم صفوفه ببعض الأجانب… كان الديربي عبارة عن عرس بكل ما للكلمة من معنى…. وكان ما بعد الديربي عبارة عن مناظرة بيضاوية يؤثثها عشاق الفريقين…. كان وراء كل ذلك مسيرون لهم غيرة على الوطن، تسكنها غيرة على المدينة، تسكنها غيرة على الفريق…. رغم قلة الإمكانيات، كانت الفرجة التي تخرج من بين ثنايا الإحساس بالإنتماء…. ينصهر الجميع، جمهور ولاعبون ومسيرون ومنظمون، في قالب هذا الإنتماء والإحساس ب “تابيضاويت” لإنتاج الفرجة والمتعة…. للأسف، أصبح الوضع غير ذلك، ويعجل كل بيضاوي عن نطق إسمه كاملا ويقتصرون بالتسمية دون ذكر انتماء الفريق، بل منهم من أضاف لقب العالمي… علما أن لا ريال مدريد ولا برشلونة ولا آسي ميلانو ولا بايرن ميونيخ لا…. أضاف لقب العالمي لتسميته رغم أنهم حصدوا كل ما وجد في طريقهم من ألقاب وتوجوا في كل المنافسات المحلية والدولية…. أتوقفت الدارالبيضاء عن صنع المواهب كسعيد غاندي والبطاش وحمان وعبد السلام والظلمي والزاكي وعبد الرحيم الحمراوي ورشيد الداودي و…… ؟؟؟ أم جشع بعض المسيرين والتقنيين وإنتهازية بعض اللاعبين كلها عوامل أصبحت تفرض على الأندية التعاقدات الفلكية دون مراعاة لا لخصوصيات الأندية ولا لإمكانياتها…؟؟ أليس في نية هذه الفرق التركيز على التكوين، التي أصبحت تخصص له إمكانيات ضخمة، كما كان الحال عليه أيام المرحوم الحاج عبد القادر جلال بالنسبة للرجاء وبا سالم بالنسبة للوداد، علما أنهما كانا عصاميان ولم تكن لهما إمكانيات ما تجود به خزائن الجامعة حاليا ؟ أليس الخلل في التسيير ومحيطه والكل يعلق شماعة الإخفاق على المدرب ؟ أليس لبعض قدماء اللاعبين، الشلاهبية، نصيب في هذا الكساد والبوار؟ لقد حان الوقت كي يجلس الودادي في مجالسه والرجاوي في مجالسه كي يدقق في أدق التفاصيل حتى يعود قطار الدارالبيضاء إلى سكته، يلتف حوله الأحمر والأخضر، مجتمعين معا تعلو الألوان الوطنية المقام وتكتب الملاحم وتلوح الفرجة في أفق المدينة المعطاء… لقد حان الوقت كي تعود الفرق لجادة صوابها وتراجع أوراقها وتقلع عن بدعة التعاقدات العشوائية التي ابتدعها بعض المسيرين الإنتهازيين المارقين الذين إغتنوا على حساب شغف جماهير متعطشة للفن الكروي الراقي والشغوفة بفرقها حتى الجنون، حيث أصبحت تبدع في المدرجات أكثر من فرقها الهجينة حتى المسخ على أرضية الملعب… جماهير خضراء كانت أو حمراء، رائعة خلاقة عظيمة…. تتجلى عظمتها في أهازيجها كما تتجلى في صمتها… حضورها قوي وغيابها رهيب…. إنها الدارالبيضاء التي تسكننا يا سادة..