الألباب المغربية/ يونس المنصوري
المغاربة اليوم لم يعودوا يثقون في المؤسسات لم يعودوا يرون في الإدارات والجهات الرسمية ملاذًا لحل مشاكلهم لم تعد الشكاوى تصل إلى حيث يجب أن تصل ولا القرارات تُتخذ لصالح من يعاني كل شيء مؤجل أو مغيب أو محسوب بمنطق الربح والخسارة لا بمنطق الحقوق والواجبات لهذا تحولت المواقع الإلكترونية إلى ديوان مظالم جديد حيث يصرخ المظلوم ويحكي المقهور ويبكي من لم يعد يحتمل الحُكرة لكن هل تكفي هذه المنابر لتغيير واقع جائر أم أنها مجرد صدى لغضب في زمن يتقن فن التجاهل؟
لقد باع الإعلام الكبير روحه للسوق لم يعد ناقلًا للحقائق بل بوقًا لمن يدفع أكثر تغيرت أدواره من سلطة رابعة إلى مجرد ديكور يُجمِّل المشهد لهذا لم يعد المواطن البسيط يثق في نشرات الأخبار ولا في أعمدة الجرائد المرموقة وجد في الصحافة الإلكترونية البديلة أملًا أخيرًا علّه يصل إلى من يسمع لكن السؤال الأهم هل هناك من يسمع حقًا؟ أم أن الظلم قد صار لغة رسمية لا تحتاج حتى إلى تبرير؟
المواطن المغربي يعيش الحيف في كل تفاصيل يومه في الإدارة حيث الأوراق التي لا تنتهي والوجوه التي لا تبالي “سير حتى تجي” و”جيب معاك فلان يعرف فلان” وفي المستشفى حيث العلاج لمن استطاع إليه سبيلًا “لي ما عندوش يموت” وفي المدرسة حيث المستقبل المجهول والمعرفة التي أصبحت بضاعة تُباع “قرايتك فجيبك” وفي السوق حيث الأسعار تصعد والقدرة الشرائية تهبط “الما والشطابة حتى لقاع البحر”
حين تغيب العدالة يكون الخراب على الأبواب فكما قال ابن خلدون “الظلم مؤذن بخراب العمران” وكما قال المغاربة قديمًا “الظلم ما يدوم والحق يزهق الظالم” لكن الواقع يُثبت أن الظلم في هذا البلد لم يعد مجرد استثناء بل قاعدة يحفظها الجميع عن ظهر قلب
في الأزقة الشعبية في القرى المنسية في الهوامش التي لا يزورها المسؤولون إلا في الحملات الانتخابية هناك وجوه متعبة هناك قصص تُحكى خلف الأبواب المغلقة هناك أناس لا يملكون حتى ترف الشكوى فقط يبتلعون الغصص ويواصلون الحياة كأن شيئًا لم يكن لكن كما يقول المثل المغربي “السكوت علامة الرضا، غير إلى كان القلب عامر بالحقد”
قد يظن البعض أن الصراخ في المواقع الإلكترونية مجرد موضة أو تفريغ عابر لكنه في الحقيقة مؤشر على غليان اجتماعي على إحساس جماعي بالظلم على قنبلة اجتماعية لا أحد يعرف متى ستنفجر لكن المؤكد أنها إن انفجرت فلن يسلم منها أحد فـ”الضربة اللي ما تقتل تزيد تقوي” ولكن إلى متى؟ ستذكرون ما أقول لكم..