الألباب المغربية/ يونس المنصوري
في خضم الجدل المتواصل حول ظاهرة “الجنس مقابل النقاط” في المغرب، يبدو أن هناك العديد من الجوانب الساخرة والمفارقات التي تستحق التأمل. فنحن نعيش في زمن يبدو فيه النجاح الأكاديمي وكأنه يتطلب “مهارات” جديدة غير تلك المعروفة في الكتب الدراسية، وكأن القاعات الدراسية تحولت إلى أسواق مفتوحة لتبادل النقاط بطرق غير تقليدية.
فمن المدهش حقًا كيف يعتقد بعض الطلاب أن التحصيل العلمي يمكن أن يتحول إلى “صفقة تجارية”، حيث يتطلب الأمر فقط القليل من الجرأة ومقدارًا لا بأس به من الاستعداد الشخصي للتقدم على الآخرين. يبدو أن بعض الطالبات قد استوعبن الرسالة الخطأ، وهي أن العمل الجاد في الدراسة ليس هو السبيل الوحيد للنجاح، بل إن “المبادلات الشخصية” تفتح الأبواب المغلقة.
وأما عن الأساتذة، فقد أصبحوا جزءًا من هذه المأساة الكوميدية، فبدلاً من أن يكونوا مرشدين أكاديميين، تحولوا إلى شخصيات “تسويقية” تروّج للدرجات، وكأنهم يحضرون لعرض تلفزيوني للمواهب. وكلما زادت صعوبة المنهج، زادت أيضًا “عروض التحسين الشخصي”، وكأن النجاح الأكاديمي أصبح يتطلب عريضة طويلة من العروض التجارية.
وفي وسط هذه الفوضى، لا يمكننا تجاهل دور النظام التعليمي نفسه. هل أصبح التعليم العالي أكثر اهتمامًا بتعزيز هذه الثقافة غير الأخلاقية بدلًا من تقديم تعليم حقيقي يساهم في تنمية القدرات؟ يبدو أن الوقت قد حان لإعادة النظر في المعايير الأكاديمية، لأننا إذا استمررنا في اعتبار “الأداء الشخصي” هو السبيل للنجاح، فقد نفتح الأبواب أمام مزيد من الانحدار القيمي والأخلاقي.
ختامًا، قد يكون من المفيد لنا جميعًا أن نتساءل: ماذا يعني “النجاح” في عصر يُعتبر فيه التحصيل الأكاديمي مجرد أداة في لعبة من المبادلات غير المشروعة؟ فبدلاً من تعزيز ثقافة الاستغلال، ينبغي أن نعمل على تعزيز قيم النزاهة والاحترام الحقيقي، لأن المستقبل يتطلب أجيالًا قادرة على مواجهة التحديات بجدارة لا بوسائل ملتوية.