الألباب المغربية
تحرير مصطفى طه
جرى، الأربعاء في قصر الأمم بجنيف، الاحتفال بالذكرى العشرين لهيئة الإنصاف والمصالحة، وذلك خلال ندوة نظمت على هامش الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وتخلل هذا اللقاء، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع المركز الإفريقي لدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبدعم من البعثة الدائمة للمملكة المغربية في جنيف، مداخلات لضيوف مرموقين ضمنهم السفير عمر زنيبر، الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، ورئيس مجلس حقوق الإنسان، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، أمينة بوعياش، والمديرة التنفيذية للمركز الإفريقي للديمقراطية وحقوق الإنسان، هانا فورستر، والعضو السابق في هيئة الإنصاف والمصالحة، عبد الحي مودن، والمقرر الخاص الجديد للأمم المتحدة المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، برنار دوهايم، وخبيرة العدالة الانتقالية في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، جوليا راو.
وأجمع المتدخلون في كلماتهم على التأكيد على الطابع الفريد للتجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، ليس فقط في المنطقة بل في العالم أجمع، مبرزين التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال حقوق الإنسان منذ إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة.
وفي افتتاح هذا اللقاء رفيع المستوى، أكدت بوعياش، أن هذا الاحتفال هو “تكريم لمسيرة بلد اختار منذ 20 سنة أن يتصالح بشكل كامل مع ماضيه وأن يعترف بماضيه، ويبني على الماضي لبناء مستقبل أفضل”.
وقالت إن هذا الحدث يهدف أيضا إلى مشاركة شركاء المغرب تجربته في العدالة الانتقالية التي ساعدت على إرساء أسس مجتمع متنوع، مشيرة إلى أن المملكة خطت منذ 20 عاما خطوة غير مسبوقة، ليس فقط في المنطقة بل على الصعيد العالمي أيضا، لتصبح واحدة من البلدان القليلة التي واجهت ماضيها طوعا، من خلال التحقيق في الانتهاكات والاعتراف بالمعاناة وتقديم التعويضات وحفظ الذاكرة وتحقيق العدالة والالتزام بالإصلاح.
وقالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن هذه الإصلاحات، بالإضافة إلى جبر انتهاكات الماضي، تهدف أيضا إلى ضمان مستقبل تُصان فيه حقوق الإنسان وتُحترم فيه العدالة للجميع، مضيفا أن هذه الإصلاحات تنبع من رغبة مشتركة من جانب الدولة والمجتمع في حماية الحرية.
من جانبه، شدد رئيس مجلس حقوق الإنسان على أن هيئة الإنصاف والمصالحة تظل “نموذجا ساطعا على كيفية مساهمة العدالة الانتقالية في تعزيز المساءلة والمصالحة وإرساء أسس الإصلاح المؤسساتي والمجتمعي”.
وأشار زنيبر إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة لم تكتف بمعالجة الانتهاكات السابقة فحسب، بل أرست أيضا أسس الإصلاحات التي لا تزال تشكل المجتمع اليوم، والتي تشمل الحكامة وإنفاذ القانون والأطر المؤسسية المصممة لضمان عدم تكرار الانتهاكات.
من جهة أخرى، أكد السفير أن المقاربة الشاملة التي يتبعها المغرب في المصالحة والإصلاح، والتي تشمل النساء والشباب، تقدم نموذجا قيما يتماشى مع مبادئ المذكرة التوجيهية الجديدة بشأن العدالة الانتقالية، التي نشرها الأمين العام للأمم المتحدة في أكتوبر 2023، وهي وثيقة تاريخية أعادت وضع العدالة الانتقالية كأداة استراتيجية للسلام والوقاية والتنمية.
من جانبه، أعرب دوهايم عن سعادته بالمشاركة في الاحتفال بالذكرى العشرين لهيئة الإنصاف والمصالحة في كلمة ألقاها عبر الفيديو، معربا عن ارتياحه لانعقاد هذه الجلسة رفيعة المستوى التي تأتي في الوقت المناسب نظرا لتناولها موضوعا ذا أهمية ملحة.
بدورها، أثنت خبيرة العدالة الانتقالية في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان على عمل هيئة الإنصاف والمصالحة التي يعد إحداثها “علامة على الاستشراف والاستباق والإصغاء إلى الشواغل التي أعرب عنها المجتمع”.
وأكدت راو أنه من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة أثبت المغرب نفسه “كدولة رائدة في المنطقة وخارجها”، من خلال تقديم مفهوم جديد ومنهجية جديدة للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان السابقة.