الألباب المغربية/ بدر شاشا
في ظل الوضع الاقتصادي الراهن الذي يعيشه المغرب، أصبح موضوع توظيف الشباب أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. فمن جهة، نجد أعداداً متزايدة من الشباب الذين يحملون شهادات عليا، بدءاً من الإجازة وصولاً إلى الدكتوراه، لكنهم يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مؤلم يتمثل في قلة الفرص المتاحة في سوق العمل. من جهة أخرى، يظل الأمل قائماً في تحسين أوضاعهم من خلال تفعيل برامج الشوماج والتغطية الصحية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى؟
عندما نتحدث عن شباب المغرب الذين بذلوا مجهودات جبارة في مسارهم التعليمي، نقف أمام جيل بأكمله ملتصق بالأمل والطموح، يحمل أفكاراً إبداعية ورؤية لتطوير المجتمع. لكن مع الأسف، هذه الرؤية تصطدم بجدران البطالة. فبعد سنوات طويلة من الدراسة، يواجه الشاب المغربي حائطاً من الصمت، حيث لا يجد الفرص التي كان يحلم بها، ولا العمل الذي يمكن أن يحقق من خلاله ذاته ويدعم فيه أسرته.
الحاجة إلى تفعيل الشوماج أصبحت ضرورة قصوى، ليس فقط لتقديم الدعم المالي لهؤلاء الشباب، ولكن أيضاً كوسيلة لتخفيف الضغط النفسي الذي يتعرضون له. فنحن نتحدث هنا عن جيل يشكل العمود الفقري لمستقبل البلاد. إن تركهم بلا دعم وبلا أمل هو بمثابة حكم بالإعدام على تطلعاتهم وأحلامهم. إن تقديم الشوماج يعد اعترافاً بقيمة هؤلاء الشباب، ومساندتهم في مواجهة الظروف الصعبة التي يمرون بها.
أما التغطية الصحية فهي لا تقل أهمية، لأن الصحة هي الأساس الذي يبنى عليه كل شيء. الشباب الذين يتخرجون من الجامعات ويجدون أنفسهم بلا عمل هم الأكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية، سواء كانت جسدية أو نفسية. فبدون دخل ثابت، يصعب عليهم الوصول إلى الرعاية الصحية التي يحتاجونها. من هنا تأتي ضرورة توفير تغطية صحية تضمن لهم الحصول على العلاج اللازم دون أن تثقل كاهلهم بمزيد من الأعباء.
لكن السؤال الذي يظل عالقاً هو: إلى أين يذهب هذا الشاب الحامل لشهادة عليا عندما لا يجد عملاً؟ هل يتجه نحو الهجرة والبحث عن فرص خارج الوطن؟ أم يبقى محصوراً في دائرة البطالة دون أفق واضح؟ للأسف، هناك العديد ممن اضطروا لاتخاذ القرار الصعب بمغادرة البلاد، حاملين معهم طموحاتهم وآمالهم نحو مستقبل أفضل. لكن ماذا عن أولئك الذين لا يستطيعون الهجرة؟ ماذا عن الذين يرغبون في خدمة وطنهم والمساهمة في بنائه؟
هؤلاء الشباب يحتاجون إلى سياسات حكومية جادة توفر لهم الفرص وتدعمهم في تحقيق طموحاتهم. نحن لا نتحدث هنا عن حلول مؤقتة أو ترقيعية، بل عن رؤية بعيدة المدى تعيد للشاب المغربي الثقة في مستقبله. إن تفعيل الشوماج والتغطية الصحية يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى خلق بيئة مناسبة للتوظيف وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
يمكن القول إن الشباب المغربي الحامل للشهادات العليا هو رأس مال وطني لا يجب التفريط فيه. إن مسؤولية الحكومة والمجتمع تكمن في توفير الدعم اللازم لهؤلاء الشباب وتمكينهم من تحقيق ذواتهم والمساهمة في بناء مستقبل البلاد. وإذا لم نتحرك الآن، فقد نفقد جيلاً كاملاً من العقول والكفاءات التي يمكن أن تقود المغرب نحو مستقبل أكثر إشراقاً.