الألباب المغربية / أحمد علي المرس
تعود أسباب توقف عجلة الاقتصاد بميناء بني أنصار الناظور، وتراجع المردودية ونقص في المداخيل المالية، إلى الاحتقان الحاصل بين المصالح الجمركية وعدم تنسيق فيما بينها، وكذلك العراقيل وتأخر الإجراءت واستعمال السلطة بمفهومها البيروقراطي من طرف الجمارك بالناظور، ولا سيما بعد التحاق المديرين الجهوي والإقليمي.
إضافة إلى أن الاحتقان الحاصل في الصفوف الجمركية نتيجة الضغط الممارس عليهم مما ينعكس سلبا على المرتفقين بميناء المسافرين (المحطة البحرية للمسافرين)، وبأمرية الصرف وبإدارة الجمارك بالناظور بما فيهم الجالية المغربية المقيمة في الخارج، والتي يوليها ملكنا نصره الله وأيده أهمية كبرى.
ومن ضمن المشاكل التي يعاني منها أيضا ميناء الناظور هو تضييق الخناق على الشركات الصغرى المبتدئة من حيث تعقيد المساطير الجمركية وحيث تحضى هي الأخرى باهتمام ملكي ودعم من طرف الحكومة والمؤسسات العمومية الأخرى، بما فيها مجلس الجهة والمركز الجهوي للاستثمار… أليس من العيب والعار أن لا تواكب إدارة الجمارك باقي المؤسسات وتنهج نهجها، أليس من واجب الإدارة مرافقة المسيرين والمستثمرين وحمايتهم، لاسيما من خلال رفع التجريم عن فعل التسيير وتجريم عرقلة فعل الاستثمار قصد الإضرار بالاقتصاد الوطني، إنها الشركات ومقاولات التي تساهم في النسيج الاقتصادي للبلاد وليسوا مهربين.
وكمقارنة بسيطة لما نعيشه في ميناء بني أنصار إليكم بعض المعطيات عن ميناء المتوسطي طنجة، احتل ميناء طنجة المتوسط المرتبة السادسة من بين 370 ميناء، في الدورة الثانية للمؤشر العالمي لأداء موانئ الحاويات، برسم سنة 2021.
وبموجب هذا المؤشر، الذي يصدر عن البنك الدولي ومؤسسة “أستاندرد آند بورز غلوبال ماركيت إنتليجانس”، فإن البنية التحتية لميناء طنجة المتوسط تتقدم على جميع موانئ إفريقيا وأوروبا.
وحسب المؤسسة المالية، فإن مؤشر أداء موانئ الحاويات يقوم بقياس ومقارنة أداء البنيات التحتية للموانئ في جميع أنحاء العالم، ويتم اعتماده كمعيار للفاعلين الأساسيين في الاقتصاد العالمي.
وتأتي في المراكز الأولي في هذا التصنيف، على التوالي، كل من ميناء الملك عبد الله بالسعودية، وميناء صلالة في عمان، وميناء حمد في قطر، وميناء يانغشان في شنغهاي، وميناء خليفة في أبوظبي.
ويدرس مؤشر أداء الموانئ مدة دورات تفريغ/تحميل السفن في الموانئ، المسجلة طوال عام 2021، والتي تميزت بازدحام غير مسبوق في الموانئ واضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية، بسبب تداعيات الأزمة الصحية.
ويهدف المؤشر وبياناته الأساسية إلى تحديد نقاط الضعف في البنية التحتية للموانئ التجارية وإبراز إمكانيات تحسينها والتي تعود بالنفع على جميع الفاعلين الرئيسيين في التجارة العالمية، بما في ذلك الدول وشركات الشحن البحرية، والشركات الفاعلة في الموانئ والمحطات، وشركات الخدمات اللوجستيكية والمستهلكين.
وحسب البنك الدولي، يعتمد مؤشر أداء موانئ الحاويات على إجمالي عدد الساعات التي تقضيها السفن في الميناء، أي الوقت الذي تستغرقه بين وصولها إلى الميناء وخروجها من الرصيف بعد اكتمال عملية تبادل البضائع.
ويعتمد هذا المقياس على بيانات تتعلق بعشرة محطات شواطئ مختلفة، بينما تأخذ المنهجية في الاعتبار خمس مجموعات مختلفة لحجم السفن، نظرا للاقتصاد في الوقود وتقليل انبعاثات هامة يمكن للسفن الكبيرة تحقيقه.
من بين معيقات محاولات الارتقاء بمردودية الحقل الاقتصادي بالجهة ككل هو ما أشارنا إليه.
أن القيــــادة الجمركية اختزلـــت أدوارها في التسيير المادي والإشراف على اليومي دون أفق اقتصادي حسب طبيعة الإقليم والجهة، ومن غير مشروع حقيقي يتكامل مع مشروع استثماري ووطني، فمشروع الاستثمار بالناظور كان معطـــلا في مرتكزاته وطرق تصوره وآليات صياغته ومتابعته، وهو أمر مفهوم لانعدام رؤية واضحة، أفرزت بالضرورة موقف عقيما في التسيير والتدبير .
ومن خلال ما سبق يتبين لنا سبب نفور العديد من المستثمرين من أبناء جهة الشرق من ميناء بني أنصار وذهابهم إلى موانئ أخرى كميناء الدار البيضاء وطنجة، لهذا نعتقد أن الحديث عن إصلاح اقتصادي هنا والآن لا يكتمل ما لم يشمل بنية التسيير ولا يعيد النظر في تقنيات الإشراف أو ما اصطلح عليه بالقيادة الجماعية وإشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والاعتماد على أبناء المنطقة.