وجهت الجامعــة الوطنيـــة للصحافــة والإعــلام والاتصـــــال، المنضوية تحت لواء المركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل: المذكرة الأولية بتعديلات تهم الإعلام والصحافة والنشر في اليوم الدراسي المنظم بمناسبة مرور عشر سنوات على إصدار توصيات الحوار الوطني بين الإعلام والمجتمع، يومه الأربعاء 21 دجنبر 2022 بمجلس النواب.
وفي ما يلي نص المذكرة:
بداية نشكركم على دعوة الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال للمشاركة في هذا اليوم الدراسي، فجامعتنا المناضلة تمثل مئات الصحافيين والإعلاميين والعاملين بقطاعات الصحافة والنشر والإعلام العمومي والخاص، والسينما والإنتاج.
وهذا ما أكدته الانتخابات المهنية التي نظمتها بلادنا السنة الفارطة وحققت فيها جامعتنا نتائج هائلة في مختلف مؤسسات الإعلام. كما برهنت الجامعة على قوتها التنظيمية في مناسبات سابقة، من قبيل انتخابات المجلس الوطني للصحافة الذي انخرطنا في إطلاق بنياته بحسن نية، وانخرط فيه المئات من المهنيين تلبية لدعوتنا لهم، وبناء على رصيد المصداقية والثقة التي تحظى به الجامعة.
إن الدعوة للحوار بمناسبة مرور 10 سنوات على صدور توصيات الحوار الوطني، هي خلق مناسبة هامة لتقييم ما أنجز وما لم ينجز من قرارات هامة. وطبعا لا نجتمع لتعديد المنجزات، فقد أنجزت وصارت واقعا. وإذا علينا التوجه إلى المستقبل، والنظر فيما لم يتحقق بعد.
واسمحوا لي في البداية أن أبدأ من البدء، لنساءل عنوان اليوم الدراسي، أو نص الدعوة التي توصلنا بها. فطرح موضوع الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع وقد مرت على مشاركتنا فيه أكثر من 10 سنين يطرح عدة أسئلة.
فهذا الحوار الوطني الرفيع دار حول الإعلام والمجتمع، ولكننا لا نرى في هذه القاعة كل الأطراف الممثلة للمجتمع. فأين ممثلو القضاء، وأين ممثلو المجتمع المدني، وأين ممثلو الأحزاب الوطنية، وأين ممثلو المقاولات والجهات والمثقفون؟ ….
وإذا كانت شروط طرح هذا الموضوع تتميز بعدم تطبيق توصياته، وعدم تمكننا من جعلها في صلب اهتمام لا وسائل الإعلام نفسها، ولا الدولة ولا المجتمع خلال العشرية الأخيرة، فإننا نرى أن شروط طرحه اليوم غير مكتملة…
بالمقابل لنغتنم فرصة تواجد ممثلي مهنة الصحافة والإعلام والنشر والاتصال الحاضرين اليوم حول هذه المائدة لنتناول المشاكل اليومية لممتهني الصحافة والإعلام والاتصال، وبالجرأة اللازمة.
فنحن اليوم على بعد 3 أشهر من انتهاء الشوط الإضافي الذي استحدثه المرسوم الوزاري في حياة أعضاء المجلس الوطني للصحافة، ولم يتبقى في عمره إلا 3 أشهر قصيرة. ولا نرى أثرا ولا حديثا لتنظيم انتخابات ديمقراطية لتجديد ولاية المجلس بإتباع منهجية ديمقراطية، أي سلطة الصناديق…
ولنتساءل عن أسباب هذا الخلل ؟
لماذا لا نكون اليوم بصدد مناقشة حصيلة المجلس الوطني للصحافة ؟ ونكون أمام حصيلة مشرفة… ونكون أمام مهنيين ممتنين شاكرين لأعضاء المجلس على حسن تدبيرهم… ونكون أمام أعضاء فخورين بما أنجزوه… ونكون قد اضطلعنا على أربعة تقارير سنوية منشورة في الجريدة الرسمية… ونكون أمام مجلس وقد أصبح يشكل سلطة رمزية فرضت احترامها على الجميع، مهنيون، دولة ومجتمع …
ما نراه اليوم للأسف بعيد عن ما تمناه المهنيون الذين صوتنا وصوتوا في 2018 على اللائحة المشتركة.
فبدل أن تكون تجربة التنظيم الذاتي مفخرة نتباهى بديمقراطيتها بين الشعوب والبلدان، أصبحنا نسمع حديثا عن شكاوى زملاء تم رفض تجديد بطائقهم بدعاوى متنوعة، وعن مقاربات أحادية في تدبير شؤون المهنيين، وعن استغلال معطيات شخصية للناس، وعن تمتع أشخاص ببطائق الصحافة دون وجه حق، بل أن هناك من الزملاء من اضطر إلى اللجوء إلى المحاكم للحفاظ على حقه المشروع في الحصول على بطاقة الصحافة.
وبدل التمتع بمزايا التنظيم الذاتي للمهنة، أصبح البعض يبحث عن طرق لتمديد العضوية أو للحصول عليها بالتعيين، وأصبحت الانتخابات لتجديد العضوية بشكل شفاف بعبعا مخيفا، في تناقض صارخ مع المنهجية الديمقراطية، رحم الله الزعيم عبد الرحمان اليوسفي… وفي مفارقة عجيبة مع الممارسات المتقدمة للدولة التي تمكنت من تنظيم ثلاث استحقاقات كبرى في عز جائحة كورونا، وهو ما أكسبها مزيد احترام في الداخل والخارج، تهنا في البحث عن التمديد والتعيين والتعديل وغيره.
لهذا فإن الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل تدعو السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل إلى التدخل الإيجابي العاجل من أجل إعادة الأمور إلى الصواب، وتكوين اللجنة المشرفة على تنظيم الانتخابات بالمجلس الوطني للصحافة من خلال مراسلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية لتعيين القاضي المخول له الإشراف على اللجنة وإعداد الانتخابات، وذلك في أقرب الآجال، حتى لا تضيع علينا فرصة أخرى من فرص الديمقراطية ويعود لحلم التنظيم الذاتي وهجه وفقا لروح المقتضيات الدستورية وللأعراف الديمقراطية.
أما فيما يخص مقترحات الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال بخصوص التعديلات التي وجب إدخالها على القوانين، فهذا موجز لبعضها:
أولا : مقترحات عامة
إن تنمية وتطوير وسائل الإعلام ومؤسساتها مرتبط بقدرتها على تعزيز العمليات الديمقراطية التي تكون تشاركية وشفافة وقابلة للمساءلة، وتشمل كافة الجهات الفاعلة في المجتمع. إن البيئة الإعلامية الحرة والمستقلة والتعددية ضرورية لتكريس وتهيئ الديمقراطية. فوسائل الإعلام هي وسيلة المواطن لاتخاذ قرارات مؤسسة ومدركة ومطلعة ومعززة للمشاركة في صنع القرارات المؤثرة على أمور حياتهم بشكل عام. لهذا تطالب الجامعة ب:
– تعزيز حرية التعبير وتعددية وسائل الإعلام، وتقوية التنظيم الذاتي وتعزيز استقلاليته، مع التزام المجلس الوطني للصحافة بتفعيل قانون أخلاقيات المهنة؛
– تفعيل مبدأ الحصول على المعلومة من خلال تفعيل قانون الحصول على المعلومة، وعدم تمييز الدولة بين وسائل الإعلام والتواصل العامة والخاصة في الوصول إلى المعلومة؛
– تنمية الموارد البشرية (ويشمل ذلك بناء قدرات الإعلاميين المهنيين وبناء قدرات المؤسسات الإعلامية)؛
– في علاقة الإعلام بالقضاء: تعزيز مبدأ حيادية السلطة القضائية، وحماية سرية البحث، واحترام قرينة البراءة، وتعزيز سرية الحياة الحميمية للأفراد؛ ناهيك عن تطوير القضاء المتخصص في مجال الإعلام والصحافة والتواصل؛
– في مجال النظام الضريبي للمقاولات الصحافية: سك ضرائب تفضيلية ورسوم جمركية تفضيلية على الواردات للتشجيع على تنمية المقاولات الصحفية ووسائل الإعلام العمومية أو الخاصة؛ وعدم فرض ضرائب ورسوم رادعة على المقاولات الصحافية ووسائل الإعلام، وحيادية سياسة الدولة الضريبية بعدم إعطاء أفضلية لمقاولات أو مؤسسات إعلامية خاصة على غيرها؛
– في موضوع المداخيل المالية للمقاولات الصحافية الدائمة: تمكين المقاولات من الولوج العادل للإشهار مع تكريس البعد الجهوي لتوزيع الإشهار، مع وضع الدولة والقضاء للإعلانات الإدارية والقضائية بطريقة شفافة وعادلة وغير تمييزية، مع مراقبة هذه الإعلانات بشكل صارم تأمينا لتحصيلها العادل والشفاف والمضمون؛
– تكريس البعد المهني لبطاقة الصحافة وتقويته.