الألباب المغربية
نظمت جمعية بيت الحكمة بشراكة مع كل من جمعية بسمة فرع جهة مراكش اسفي، والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان والمرصد الدولي للاعلام وحقوق الانسان ندوة صحافية، اليوم الثلاثاء بالبيضاء، تحت عنوان استقلال القضاء والمحاكمة العادلة والأمن القضائي ضمانات دستورية: التشهير والتنمر والابتزاز جرائم يعاقب عليها القانون.
وقام بتقديم هذه الندوة الأستاذ عبد الفتاح زهراش المحامي بهيئة الرباط، والذي اعتبر في كلمته الافتتاحية، أن انعقاد هذه الندوة جاء في ظل الهجوم الممنهج عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد الاشخاص والمؤسسات، وتبخيس الجهود التي تبدلها الدولة والمكتسبات القانونية التي جاء بها دستور 2011 والقوانين التنظيمية المعمول بها، واعتبر زهراش ان هذا الهجوم هو صادر عن قلة قليلة تعيش خارج ارض الوطن، ويستهدفون بدرجة أولى المؤسسات الدستورية خصوصا القضاء، بل وصلت الأمور الى أن شخصا يضع شكاية ضد شخص آخر ويعطي لنفسه الحق للتطبيق شرع اليد، كما فعل محامي سوق الاربعاء الذي خرج لينعت شخص آخر بأنه مثلي، وهذه سابقة خطيرة في المغرب، و ايضا تمرير مغالطات عبر شخص اخر ينتمي للأسف للجسم الصحافي، الذي قام بترويج مغالاطات للرأي العام، وقال زهراش ان هذا الشخص للأسف رغم أن الصحافة سلطة رابعة الا أنه ولأول مرة أرى صحافي يقف ضد حقوق الدفاع، وادعى ايضا أن الشخص المستهدف دخل بطريقة غير شرعية لأرض الوطن، وأنه سيبقى رهن الاعتقال ولن يتم اطلاق سراحه، وذلك رغم سرية البحث، وأكد زهراش أن هذا الامر هو نفسه ما تعرض له اليوتبر الذي يعيش في أمريكا محمد تحفة، والذي وضع بدوره عدة شكايات بالمغرب، ونفس الامر تعرضت له نجيبة جلال رئيسة جمعية بيت الحكمة التي وصل الأمر الى تهديدها، وأكد المحامي عبد الفتاح زهراش أنه ونيابة عن موكليه ضحايا محامي سوق الاربعاء قدم 32 شكاية ضده، وأضاف مع ذلك لم نقم بأي وقفة احتجاية للتشهير به كما يفعل هو ضد ضحاياه.
وخلال كلمتها شددت رئيسة جمعية بيت الحكمة، نجيبة جلال، على أن جميع مكونات الدولة تحمل رسالة تدعم الإنسانية والحقوق. وأكدت على الجهود الطويلة التي بذلها المناضلون لدفع الدولة إلى إدانة جميع التجاوزات في المجال الحقوقي بشكل صارم، ونددت باستخدام الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الفساد كأداة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية، مشيرةً إلى أن هذا النهج يضعف الدولة. كما أوضحت أن جمعية “بيت الحكمة” تلقت العديد من الشكايات من نساء ورجال تعرضوا للاستهداف والعنف والابتزاز، ومن خلال متابعة هذه الملفات، تمكنت الجمعية من فهم أساليب الشبكات الإجرامية التي تروج للشكايات الكيدية، ووصفت هذه الظاهرة بأنها أصبحت مشكلة حقيقية تهدد سلامة المواطنين والسلم الاجتماعي، وفي هذا السياق، أكدت نجيبة جلال أن الهدف الرئيسي من هذا اللقاء هو تسليط الضوء على الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها هذه الشبكات الإجرامية، من خلال توعية المواطنين ووضع خطة لتشكيل جبهة في جميع مدن المملكة لرصد هذه الممارسات ودعم الضحايا، كما أشارت إلى أهمية توجيه نداء للقضاء والنيابة العامة ومديرية الأمن الوطني لوضع خطة استباقية لرصد أصحاب الشكايات الكيدية والحد من ممارساتهم، وختمت نجيبة جلال كلمتها بالتأكيد على ضرورة تعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية لمواجهة هذه الظاهرة وضمان حماية حقوق الإنسان وسلامة المواطنين في المملكة.
فيما تحدث ادريس السدراوي رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان، عن آليات الجمعيات الحقوقية لمواكبة شروط المحاكمة العادلة، واعتبر أن بعض الجمعيات والمنظمات تاهت عن هذا الدور، أي أن هناك بعض مؤسسات الدولة التي قد لا تقوم بدورها كما يجب أو مقصرة في أداء مهامها الدستورية، وهنا يأتي دور الحقوقي للقيام بالمواكبة والرصد وصياغة تقارير علمية وموصوعية من شأنها تصحيح الوضع، وأضاف أن هذه الندوة التي جاءت بشراكة بين فعاليات حقوقية الهدف منها هو تجارس جانب هام من شؤون بلادنا، مع ما لذلك من علاقة بحرية الرأي والتعبير، وأكد السدراوي أن المحتجون على أحكام القضاء في المغرب لا يتابعون التزام المغرب بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويكفي الرجوع الى تقارير هذه الجمعيات فهي لا تعرف هذه الالتزامات ولا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك مناهضة التعنيف والقضاء على كل أشكال التمييز، واعتبر السدراوي أن اغلب هذه الجمعيات الحقوقية التي تدافع على حقوق الانسان بعيدة عن الممارسة الحقيقية لهذا المجال ومواكبة الاتفاقيات الدولية وتقديم تقارير في هذا المجال، واعتبر السدراوي أن من يدعون أنهم يدافعون عن الملك، فصاحب الجلالة دستوريا هو رئيس الدولة وهو الضامن لأمنها وهو من يحمي الدولة ويدافع عنها.
وفي كلمته سلط سعيد أوباه رئيس المرصد الدولي للاعلام وحقوق الانسان، الضوء على الدور الحيوي للقضاء في المجتمع، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على حقوق المواطنين من خلال ضمان استقلالية القضاء وحياد القاضي، وأشار إلى أن هذه العوامل تساهم في بناء علاقة متينة وثقة متبادلة بين المواطنين والجهاز القضائي، وأكد أوباه أن أي إخلال بواجب الوقار والتحفظ، أو استغلال القاضي لصفته القضائية للتدخل في أي مسطرة قضائية للحيلولة دون تطبيق القانون، سواء تحققت النتيجة المرجوة أم لا، ويعتبر استغلالاً للنفوذ وتهديداً للأمن القضائي وأضاف أن الأمن القضائي يعد أحد المبادئ الهامة التي ترتكز عليها دولة القانون، حيث يعزز ثقة المتقاضين في الجهاز القضائي، وأوضح أوباه أن لتحقيق العدل والتطبيق الجيد للقانون، يجب أن تكون السلطة القضائية مستقلة، قادرة على الفصل في القضايا دون تحيز لأي سبب كان كما أشار إلى الضغوط والتأثيرات السلبية التي تأتي نتيجة التشهير والابتزاز والتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت تهدد الحياة الخاصة للأفراد بشكل كبير، وشدد على أن ضمان النزاهة والمصداقية في الأعمال القضائية يتطلب حماية القضاء من هذه الضغوط، مما يساهم في إرساء دولة القانون الفعلية، حيث يكون القانون فوق الجميع دون استثناء، ودعا أوباه إلى تعزيز الجهود لضمان استقلالية القضاء وحياد القضاة، مؤكداً أن ذلك يمثل الأساس لتحقيق العدالة وحماية حقوق المواطنين، مما يعزز ثقة المجتمع في النظام القضائي ويؤكد على مبادئ دولة القانون.
ومن جهته قدم محمد بلغزال رئيس جمعية بسمة فرع جهة مراكش اسفي، مداخلته التي جعلها تحت عنوان: المليشيات الرقمية شعبوية متحورة أم تطرف صاعد، وبين بلغزال أن هذه المليشيات تنتمي الى مجال الصحافة والى المجال الحقوقي، واستعرض الخصائص التي تميز ممارساتهم الخطابية والفعلية، وتطرق في البداية لبناء السردية أي أن هذه المليشيات تقوم ببناء تصور معين في معالجتها للقضايا الوطنية والدولية، وهي في الحقيقة معالجة ترتكز حول الذات، أي تجعل من ظروفها الشخصية والنفسية منطلقا في معالجتها للظواهر والقضايا، واغلب أعضاء هذه المليشيات هم أصحاب سوابق عدلية، ويرتكزون في في مهاجمتهم غالبا على المؤسسات السيادية، خصوصا العمل القضائي والمؤسسات الأمنية، وأكد بلغزال أن فكرة التطرف دائما حاضرة في خطاب هذه المليشيات الرقمية، ومن الناحية البلاغية فهي تعتمد على بلاغة التهويل وبلاغة التهوين في معالجتها للقضايا المرتبطة بمؤسسات الدولة وذلك وفق مصالحها، ومن أجل صناعة رأي عام وهمي ومصطنع، أما العنصر الثالث في بناء السردية فهو طريقة الذاتية في التعامل مع المادة الاعلامية والتي يتم التركيز فيها دائما على رأي واحد، واقصاء باقي الاراء وهذه هي طريقة عمل الخطاب الشعبوي القابل للتحول الى التطرف كما هو الشأن لما وقع في أوروبا، والقاسم المشترك بين الشعبوية والتطرف هو المزايدة على المؤسسات والادعاء أنهم يدافعون عنها في نفس الوقت، وبين بلغزال أن هذه المليشيات لا تحتاج الى الدخول في حرب مباشرة مع مؤسسات الدولة، لذلك فهي تعمد الى اعتماد الشعبوية من أجل نشر خطاب الكراهية، وتحتاج الى خلق أرض معركة التي هي الرأي العام.
وقد اجمع المتدخلون في الأخير، على ضرورة تكتل الجميع من أجل العمل على تحسيس المواطنين ضد هذه الشبكات لانها تستعمل المواطنين في ترويج خطاب الكراهية وايضا العمل على الحد من استقطابها وتغريرها لشباب على شبكات التواصل الاجتماعي، وايضا العمل على وضع خطة لتشكيل جبهة في كل مدن المملكة من أجل رصد الممارسات ومواكبة الضحايا، وايضا على ضرورة تكوين الصحافيين على تحليل الخطاب من اجل فهم الأساليب الخبيثة التي ينهجها اعضاء هذه الشبكات.