الألباب المغربية
(*) برنارد لوغان
من خلال دعمها للبوليساريو، تحاول الجزائر في الواقع فتح منفذ لها على المحيط الأطلسي من جهة، والحؤول دون أن يصبح المغرب قوة محيطية وصحراوية.
لماذا تقوم الجزائر بتسليح وتمويل البوليساريو؟ لماذا تتكفل بدبلوماسيتها في البلدان التي لا تزال تعترف بـ “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”؟ لماذا تحاول عرقلة مقترح الحكم الذاتي المغربي؟ ما هي أهدافها؟
الجواب واضح: الجزائر، باعتبارها دولة لها منفذ فقط على البحر الأبيض المتوسط، تبنت بشكل مباشر، من خلال جبهة البوليساريو وجمهوريتها، المخطط الاستعماري الذي حاول في السابق منح الجزائر الفرنسية إمكانية الوصول إلى المحيط الأطلسي عن طريق فصل المغرب عن أقاليمه الصحراوية.
ولهذا السبب، منذ عام 1975، من خلال الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والمالي لجبهة البوليساريو، منعت الجزائر جميع المحاولات لحل مسألة الصحراء الغربية التي لا تسير في اتجاه استقلال الإقليم. ولهذا السبب، تحاول الجزائر، منذ 1975، الإيهام بوجود قضية صحراوية يتبناها شعب مختلف عن الشعب المغربي ويطالب باستقلاله.
ولهذا السبب، استبعدت الجزائر، منذ عام 1975، أي فكرة للتسوية، رافضة دون مناقشة المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي الموسع في الصحراء الغربية المغربية. موقف متشدد يضعها في مأزق دبلوماسي.
ولهذا السبب، ومنذ عام 1975، وفي تحد للواقع الذي اعترفت به الأمم المتحدة بشكل واضح، واصلت الجزائر التأكيد على ما يلي:
1- أن الأمر يتعلق بمشكلة تصفية الاستعمار، في حين أن السيد أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، أكد يوم 23 يونيو 2023، خلال ندوة بمعهد العلوم السياسية بباريس، أنه تم إنهاء استعمار الصحراء الغربية عام 1975 على إثر الاتفاق الثلاثي بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا، وبالتالي فإن هذه القضية لم تعد مسألة تصفية استعمار.
2- أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء الغربية، لأن الأمر يتعلق بمشكلة، ليس بينها وبين المغرب، بل بين “الشعب الصحراوي” والمغرب. غير أنه والحال هذه، وفقا للسيد غوتيريس، فإن مسؤولية عرقلة حل هذا النزاع لا تقع على المغرب الذي اقترح حلا يلبي مصالح جميع الأطراف ويدعمه مجلس الأمن من خلال جميع قراراته الأخيرة.
3- أن الحل الوحيد هو احترام خطة السلام الأممية التي تتضمن إجراء استفتاء تقرير مصير “الشعب الصحراوي”، وهو الاستفتاء الذي تعتبره الأمم المتحدة حلا قد تجاوزه الزمن. ومن المفارقة أيضا أن نلاحظ أن الجزائر تتحدث عن حق تقرير مصير سكان الصحراء المغربية دون الإشارة مطلقا إلى استشارة سكان تندوف وقورارة وتوات… وهي مناطق مغربية تاريخيا وبترت من المغرب من قبل الاستعمار… ولماذا لا تتحدث أيضا عن تقرير مصير الطوارق والقبائل؟
وفي المحصلة، فإن موقف الجزائر يرتكز على التأكيد على أن دعمها لجبهة البوليساريو و”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” يتم باسم “حق الشعوب في تقرير مصيرها”. خطاب مبدئي يخفي في الحقيقة أهدافا ذات طبيعة ترابية ومتعلقة بالسعي إلى الهيمنة الإقليمية. ومن خلال دعمها لجبهة البوليساريو، تحاول الجزائر في الواقع فتح منفذ لها على المحيط الأطلسي، والحؤول دون أن يصبح المغرب قوة محيطية وصحراوية.
(*) مؤرخ فرنسي