الألباب المغربية/ خديجة بوشخار
نادرا ما نجد مدينة من المدن المغربية تحظى باعتراف وتاريخ من طرف أحد أبنائها الأصليين… ويتعلق الأمر هنا بمدينة بني ملال، عروسة الأطلس المتوسط… هذه المدينة التي انجبت رجلا ليس كباقي الرجال في مساريه الحياتي والفني… رجل ذو إبداع وفن وتميز…
رجل ولد وترعرع بين بساتين مدينة بني ملال… كانت نشأته بداية داخل مجال الفلاحة والزراعة، شأنه في ذلك شأن أغلب سكان بني ملال الأصليين…
لكنه مافتئ يغير مساره ويبتعد عن الزراعة والفلاحة ليسلك مسارا متميزا، إذ اهتم بفن العيطة كفن من الفنون الشعبية المتجدرة أصولها داخل التراث المغربي… فاشتغل على إيقاعات العيطة… (فيما كان يعرف قديما بالغيطة)… حيث كانت له علاقة روحية حسية مع آلة البندير… فكان يتفاعل معها وفق ما تمليه عليه أحاسيسه وثورة هيجانه الإبداعي..
ليتحول حسه الفني مع تقدم السنين إلى الإبداع في فن المديح والسماع.. فأبدع في الإنشاد وألف قصائد روحانية خاصة به…
ويعد الحاج أحمد شعيلة المعروف بالشعل من نسبة إلى أصله العائلي الصحيح، ذاكرة منقوشة أناملها في سجل التاريخ المغربي عموما، تاريخ مدينة بني ملال على وجه التحديد.. فأصبح السي أحمد شعيلة مقصد الباحثين في التاريخ والسائلين المستفسرين عن نشأة مدينة بني ملال وعن بداية تأسيسها واسمها قديما… وكيف كانت معالمها العمرانية وغيرها من معلومات يستهدفها كل باحث وأديب وكاتب ومبدع… ويعتبر الأديب عبد الكريم الجويطي (ابن أخت) السي أحمد شعيلة خير نموذج للباحث الذي وجد ضالته الفكرية والأدبية عند الفنان أحمد شعيلة… فاستمع إلى أحاديثه وسجل مذكراته، وأبدع فيها، ليصدرها في مؤلفات أدبية فكرية أصبحت تزخر بها المكتبات الأدبية المختلفة…
وللإشارة يعتبر الفنان أحمد شعيلة زجالا مغربيا متميزا (سوف تتشرف الجريدة مستقبلا بإجراء حوار معه رغم أنه يعاني حاليا تقدم السن والتعب) وكونه لازال يحتفظ بذاكرة مغربية أصيلة نكاد نفتقدها عند الشباب الصاعد.