الألباب المغربية
انكب المشاركون في مناظرة حول العلوم الإنسانية والاجتماعية، اليوم الخميس 08 فبراير الجاري بالرباط، على مقاربة التطورات التي تشهدها نظريات ومناهج البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وأبرز المشاركون في جلسة عامة في إطار المناظرة التي تنظمها أكاديمية المملكة على مدى يومين، حول موضوع “العلوم الإنسانية والاجتماعية .. رهانات وآفاق”، أن تطور العلوم الإنسانية والاجتماعية يطرح أسئلة جديدة على الباحثين في مختلف مجالاتها، بالنظر للتحديات النظرية والفكرية المرتبطة بتطور المجتمعات.
وفي مداخلة بعنوان ” مقاربات للزمن التاريخي: من بروديل إلى عصر الأنثروبوسين” تساءل عضو أكاديمية المملكة المغربية، عبد الأحد السبتي، بشأن مفهوم الزمن، مستشهدا في هذا الصدد بمنهج المؤرخ الفرنسي بروديل الذي قسم تاريخ عالم البحر الأبيض المتوسط إلى أجزاء مختلفة تتراوح بين الزمن التاريخي، والزمن الجغرافي، والزمن الاجتماعي، والزمن الفردي.
واستحضر السبتي، الجدل الذي أحاط بمفهوم الأنثروبوسين كنظرية فلسفية وكمفهوم حديث حول تأثير الإنسان على الوسط الجغرافي، والذي انتقل معه بعض المفكرين من دراسة تاريخ الإنسان إلى دراسة تاريخ كوكب الأرض، موضحا أن الأنثروبوسين هو مفهوم حديث ينتمي إلى اللغة الجيولوجية، وقد أدى إلى ظهور نظرية تاريخية حقيقية تتجاوز الملاحظات الحالية المتعلقة بالمسألة البيئية.
ويرى المؤرخ المغربي، أنه بين بروديل والأنثروبوسين، هناك دورة تنتقل من البيئة الجغرافية كعائق، إلى فكرة سلسلة من الخيارات الاقتصادية المحلية.
من جانبه، حاول أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية في بيروت، ومدير مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية، ساري حنفي، تحليل مضمون مناهج كليات الشريعة والدراسات الإسلامية في المملكة المغربية وبعض بلدان المشرق العربي.
وأبرز حنفي، نجاح المغرب في تكوين نموذجي لعلماء الشريعة من خلال مؤسسة دار الحديث الحسنية، مشيرا إلى انفتاح الدراسات الإسلامية في المغرب، بوصفها حقلا أكاديميا، على العلوم الاجتماعية والانسانية.
واعتبر الباحث، أنه لا يمكن اختزال الدين في الفقه، وأن الفقه يلزمه فهم للأخلاق، وتنزيل الفقه على الواقع يحتاج إلى أدوات عملية كانت تتطور وما تزال في بوتقة العلوم الإنسانية عامة والعلوم الاجتماعية خاصة.
أما بيتر فاغنر، أستاذ علم الاجتماع بالمعهد الكاتالاني للبحوث والدراسات المتقدمة، فتطرق بدوره في مداخلة بعنوان “الموارد الفيزيائية الحيوية والتحولات الاجتماعية .. العلوم الاجتماعية والانسانية في عصر الأنثروبوسين” لتحديات العلوم الإنسانية والاجتماعية والنقاش حول مفهوم الأنثروبوسين.
وقال ” إننا نعيش في كوكب بظروف جديدة تحدد إمكانياتنا وخياراتنا”، مشيرا إلى تزايد أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية في فهم وتفسير حالة الكوكب .
من جانبه، ركز الفيلسوف وعضو أكاديمية المملكة، عبده الفيلالي الأنصاري على مفهوم العصر المحوري، وفائدته في الفهم الإنساني، مذكرا بأن اسم العصر المحوري وهو فكرة أساسية، يعد نقطة تحول في تاريخ البشرية، قدمها كارل جاسبرز.
واستعرض في هذا الصدد، الأسس الروحية والفلسفية الكبرى للإنسانية، مؤكدا أنها لا تزال تؤطر الفكر الإنساني المتعلق بالمسائل الأخلاقية والميتافيزيقية.
ويتضمن برنامج هذه المناظرة الوطنية، مجموعة من المحاضرات حول الإشكاليات الكبرى المرتبطة بتطور العلوم الإنسانية والاجتماعية، فضلا عن ورشات تعنى بحقول محددة، يشارك فيها أساتذة جامعيون وأكاديميون من كافة الجامعات المغربية والمؤسسات.