بقلم:عزيز لعويسي
على بعد أيام معدودات من انطلاق الامتحانات الإشهادية، وفي طليعتها الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا بشقيه الجهوي والوطني، يعود النقاش مجددا حول ما بات يحيط بهذه الاستحقاقات من أجواء التوجس والقلق والتنديد والاحتجاج في أوساط نساء ورجال التعليم، الذين يتحملون أعباء المراقبة/الحراسة والتصحيح والمداولات، ونخص بالذكر هيئة التدريس التي باتت الحلقة الأضعف في منظومة علاوات أو تعويضات، لا تأخذ منها إلا الضغط النفسي والإرهاق البدني والعنف المعنوي والمادي المرتبط بإجراءات المراقبة/الحراسة، ماعدا الظفر بدريهمات معدودات عن كل ورقة تصحيح، هي أقرب إلى “الصدقة” أو “الشفقة”، منه إلى التعويض المحفز الذي تتوفر فيه شروط الكرامة والاحترام والاعتبار والتقدير، في وقت تستفيد فيه فئات أخرى من نصيبها في التعويض؛ دون أن تتحمل ما تتحمله هيئة التدريس من معاناة في المراقبة/الحراسة والتصحيح، باتت أقرب إلى الجحيم، في ظل تمدد أخطبوط الغش المدرسي وما يرتبط به من عنف متعدد الزوايا، وما يخلفه التصحيح من متاعب وأضرار نفسية وصحية؛ لا يمكن أن يحس بها، إلا من عاش طقوسها؛
هذا الوضع غير الصحي، يضعف من منسوب “الجاهزية” و”الاستعداد” في أوساط هيئة التدريس، ويفرض على نسائها ورجالها، الإقبال على هذه الاستحقاقات بنوع من التوجس والقلق والتردد والإحباط، وكلها مشاهد من ضمن أخرى، تساءل “الجودة” التي بشرت بها خارطة الطريق، وفي هذا الإطار، وبما أن المنظومة التربوية تمر بظرفية خاصة مرتبطة بصياغة النظام الجديد الذي دخل مراحله الحاسمة، واستحضارا لحجم الآمال والتطلعات التي تعقدها الشغيلة التعليمية على النظام الجديد، في أن ينجح في فك شفرات ما تعيشه من يأس وقلق وإحباط واحتقان، هي مناسبة لتنبيه صناع القرار التعليمي إلى ما تعيشه هيئة التدريس من حيف وإقصاء على مستوى العلاوات أو التعويضات، والدعوة إلى إرساء منظومة جديدة للتعويض أكثر دمقرطة وتكفافؤ وعدالة، تراعي حجم وثقل المهام التي بات يضطلع بها نساء ورجال التعليم، بدءا بمراقبة الامتحانات الإشهادية مرورا بإجراءات التصحيح والمسك بمنظومة التدبير المدرسي “مسار”والمداولات، وانتهاء بمراقبة الامتحانات المهنية والمباريات الخاصة بأطر الأكاديميات، دون إغفال مهمة “المواكبة”، التي زادت طين الإحباط بلة، وحولت المدرس/ة إلى ما يشبه “الحيط القصير” أو “السوبير مان” أو ذاك “المهدي المنتظر” القادر وحده دون غيره، على تحقيق “بركة الإصلاح”؛
وهذه المنظومة التعويضية، قادرة وحدها دون غيرها، على إحاطة الامتحانات الإشهادية، وفي مقدمتها استحقاقات البكالوريا، بما تتطلبه من جاهزية واستعداد ومسؤولية وتفـان وتضحية ونكران للذات، والنقابات التعليمية، لابد لها أن تكـــون في الموعد، بالترافع الناجع والفعال، ليس فقط من أجل تنزيل منظومة جديدة للعلاوات، بل والدفع في اتجاه ارساء نظام مرن للترقي، والرفع من الأجور، إسوة بقطاعات ومهن أخرى، ونختم بالقول، لا خارطة طريق ولا نظام أساسي، في غياب مفردات التحفيز والاحترام والحماية والتقدير والاعتراف، من أجل نساء ورجال، لن يحلو “شاي الإصلاح” إلا بهم، ولن تزهـر أزهار المدرسة العمومية إلا برفقتهم وأمام حضرتهم…