الألباب المغربية/ متابعة نجيب النجاري
شهدت جماعة أولاد إملول حدثا ثقافيا نوعيا، فقد كانت على موعد مع مهرجان سلاّم لفن التبوريدة والعيطة والتراث اللامادي. هذا المهرجان الذي كرس لممارسة ثقافية فاعلة ودامجة، ففي مشهد حالم ومطبوع بالإبداع تحولت القرية إلى فضاء للتفكير والنقاش والشعر والموسيقى والفلسفة..
يعتبر الإنسان كائنا ثقافيا، فهو ليس مجرد كينونة بيولوجية محكومة بالإشباع الغريزي، وإنما هو كائن حائز على ثقافة، ومنخرط في التاريخ شاء أم كره. وبهذا المعنى فإن المجتمعات لا يتحدد طابعها الإنساني والحضاري إلا من خلال بناءات ثقافية تكسبها لأفرادها. وبالتالي ترسيخ هوية مجتمعية أصيلة ومنفتحة على القيم الكونية من موقع تفردها وخصوصياتها.
التفكير في التراث اللامادي هو كيفية مبتكرة لاستئناف النظر في ثقافتنا، بحيث تتأسس هذه العملية على موقف إثباتي لا يرى في الموروث الثقافي عبئا أو عائقا، وإنما شرطا حاسما من أجل الانخراط في تحديات الحاضر وأسئلته. وبهذا المعنى ينبغي أن نسعى إلى تملك هذا الموروث تملكا نقديا.
إن التفكير في العيطة على سبيل المثال هو تفكير في تعبير فني أصيل يكثف مواقف وممارسات وقيم وهواجس وآمال.. وفق سياقات ثقافية ومجالية محددة، ولا يمكن فهم دلالات هذا الحضور الفني الثقافي العميق من خلال إقامة مقارنات معيارية مع تعبيرات فنية أخرى وفي سياقات ثقافية ومجالية مختلفة.
ومن ثمة فإن مهرجان سلاّم لفن التبوريدة والعيطة والتراث اللامادي هو انخراط عملي يسعى إلى المساهمة في ترسيخ هويتنا الجماعية المشتركة من خلال إبراز مقومات تراثنا وما يحمله من قيم أصيلة ومبدعة.
جدير بالذكر أن النسخة الثالثة من مهرجان سلام لفن التبوريدة والعيطة والتراث اللامادي الذي شهدته الجماعة الترابية أولاد إملول خلال أيام 1-2-3-4 غشت 2024 كانت مؤطرة بشعار “التراث اللامادي: اعتزاز متجدد بالهوية وانخراط واع في تحديات المستقبل”.
صحيح أن المهرجان هو ممارسة ثقافية تحقق نوعا من الالتقاء بين الفرد وثقافته، لكنه أيضا هو مساحة للترفيه ولحظة للفرح الجماعي، كما انه فضاء اقتصادي، بحيث يخلق دينامية اقتصادية متميزة، ويعزز الروابط الاجتماعية، ويساهم في تعزيز جاذبية المجال الترابي.
قدم المهرجان عرضا ثقافيا ورياضيا متكاملا ومتعدد الأبعاد، فإلى جانب فضاء التبوريدة “المحرك” الذي شهد مشاركة سربات محلية وجهوية ووطنية، نجد عرضا موسيقيا حاول رصد غنى وثراء ثقافتنا الوطنية، وكذلك فضاء الخيمة الثقافية الذي عرف مشاركة العديد من الباحثين والمفكرين والأدباء المغاربة. وبالموازاة مع هذه الأنشطة الثقافية أقيم دوري في كرة القدم لفائدة دواوير جماعة أولاد إملول. ووعيا بالمساهمة النوعية للمدرسة المغربية في البناء المجتمعي فقد تم تنظيم حفل للاحتفاء بتلميذات وتلاميذ جماعة أولاد إملول المتفوقات والمتفوقين.