الألباب المغربية
تم إجراء الحساب بسرعة من طرف صندوق النقد الدولي. مع وصول احتياطيات النقد الأجنبي إلى 66.1 مليار دولار في نهاية مارس 2023، وبافتراض انخفاض الاحتياطيات السنوية إلى 10 مليارات دولار فقط سنويا، مقابل ما يقرب من 14 مليارا خلال الفترة ما بين 2018 و2021. في منتصف 2028، لن تكون الجزائر قادرة على تغطية أربعة أشهر من الواردات. وهو ما يعني الإفلاس وهو سيناريو مشابه لما عاشته فنزويلا، مع كل العواقب السياسية والجيوسياسية لمثل هذه الكارثة.
تمر الجزائر حاليا بأزمة اقتصادية خطيرة ستكون لها انعكاسات كبيرة. وذلك:
1- بسبب الافتقار إلى التنويع، يعتمد الاقتصاد الريعي الجزائري بشكل شبه كامل على المحروقات التي تمثل حوالي 90 ٪ من الصادرات الوطنية. والحال أن طالما أن الأسعار تنحو نحو الانخفاض، فإن الدخل سينخفض تلقائيا.
2- انهيار احتياطي النقد الأجنبي، حيث انخفض من 193 مليار دولار بداية عام 2014 إلى 66.1 مليار دولار نهاية مارس 2023 (صندوق النقد الدولي).
3- في الوقت نفسه، ارتفع الدين العام للدولة بشكل كبير، من 7.7 ٪ من الناتج الداخلي الخام في نهاية عام 2014، إلى 52.4 ٪ في نهاية عام 2022 (صندوق النقد الدولي).
4- عجز الميزانية يمثل 12.3 ٪ من الناتج الداخلي الخام عام 2022 (البنك الدولي).
في ظل هذه الظروف، أي مستقبل ينتظر الجزائر؟
هناك شيء واحد مؤكد، لأنه، على عكس المغرب، لم يطلق البلد سياسة تنويع حقيقية، إذا لم يستفد من “مفاجأة إلهية” تتمثل في تصاعد أسعار المحروقات. وبالتالي، فإن احتياطاته من النقد الأجنبي ستستمر في الانخفاض بمعدل عدة مليارات من الدولارات في السنة. وذلك لسببين رئيسيين:
1- ستعود أسعار المحروقات إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا، وحتى أقل بشكل عام، بسبب ارتفاع الالتجاء إلى الطاقات المتجددة.
2 – ركود احتياطي الجزائر من المحروقات، في حين أن حجم الصادرات آخذ في التراجع بسبب زيادة الاستهلاك المحلي.
لذلك، تم إجراء الحساب بسرعة من طرف صندوق النقد الدولي. مع وصول احتياطيات النقد الأجنبي إلى 66.1 مليار دولار في نهاية مارس 2023، وبافتراض انخفاض الاحتياطيات السنوية إلى 10 مليارات دولار فقط سنويا، مقابل ما يقرب من 14 مليارا خلال الفترة 2018-2021، في منتصف 2028، لن تكون الجزائر قادرة على تغطية أربعة أشهر من الواردات. وهو ما يعني الإفلاس وهو سيناريو مشابه لما عاشته فنزويلا، مع كل العواقب السياسية والجيوسياسية لمثل هذه الكارثة.
وهكذا، فإن الجزائر توجد في مأزق، لأنه على الرغم من أنها لا تنتج شيئا، إلا أنه محكوم عليها بالاستمرار في الاستيراد من أجل تلبية حاجيات السكان، وذلك لتجنب الانفجار الاجتماعي الذي لا مفر منه. خاصة وأنه حتى المنتجات التقليدية (التمور والبرتقال وسميد الكسكس) غير كافية، فإن حجم استيرادها في تزايد مستمر.
لذلك سيتعين على الجزائر، عاجلا أم آجلا، استعادة تراخيص الاستيراد للحد من عمليات الشراء في الخارج. مع العديد من العواقب التي ستؤثر لا محالة على قطاعات كاملة من الاقتصاد، مع ارتفاع التهريب والسوق السوداء.
والأدهى من ذلك هو أن الجزائر ستضطر أيضا إلى نقص التحويلات الاجتماعية التي تصل إلى أكثر من 70 مليار دولار سنويا. وبالتالي، فإن خطر الانفجار الاجتماعي هائل لأن دولة الرفاهية الجزائرية ستضطر إلى اتخاذ إجراءات لا شعبية مثل وقف التوظيف، والتخلي عن المشاريع الاجتماعية الأساسية، ومشاريع النقل مثل خطوط الطرام الجديدة أو إصلاح خطوط السكك الحديدية. دون الحديث عن ضرورة تخفيض ميزانية الجيش الهائلة المخصصة فقط للحرب العبثية التي تشنها الجزائر ضد المغرب من خلال البوليساريو.
ومع ذلك، هل ستذهب الدولة الجزائرية إلى حد أن تجرؤ على تخفيض نسبة 6 ٪ من ميزانية الدولة المخصصة لـ “المنظمة الوطنية للمجاهدين” ، أي أكثر من ميزانية وزاراة الزراعة (5 ٪) و العدل (2 ٪)..؟ لا أعتقد ذلك، لأن هذه المنظمة نشكل قاعدة “النظام”، بينما “يعلم الجميع أن 90 ٪ من المجاهدين السابقين هم مزيفون “، بحسب الوزير السابق عبد السلام علي رشدي (صحيفة الوطن، 12 دجنبر 2015).