الألباب المغربية – حسن الخباز
لم يكن أغلب المغاربة يتوقعون أن يوم 15 شتنبر 2024 سيكون استثنائيا بامتياز، لم يصدقوا وعد ووعيد شباب التواصل الاجتماعي، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان.
فرغم اعتقال الداعين لهذه الهجرة الجماعية، والزعماء الذين وضعوا خطتها وجمعوا حولهم الملايين من المؤيدين المرحبين بفكرة الهروب الجماعي، ورغم انتقال قوات أمنية مختلفة للفنيدق ورغم كل الخطط الأمنية المسبقة، فقد نفذ الشباب وعدهم وكانوا في عين المكان في اللحظة الموعودة.
تفاجأت قوات الأمن بكل أنواعها من جيش، ودرك، وأمن، وقوات مساعدة، بهذا الكم الهائل من الشباب الذي خرج على حين غرة، وحاولوا اقتحام كل الحواجز لتحقيق حلمهم الذي حلوا بالمدينة المذكورة من أجله.
وفي زوال يوم 15 شتنبر الجاري، اضطرت سلطات المغرب وإسبانيا، لإقفال المعبر كحل احتياطي أو على الأصح إعلان حالة طوارئ، لمنع تسلل هذه الكثل البشرية الهائلة التي جاءت من كل أنحاء المغرب، من أجل البحث عن حياة أفضل في الضفة الأخرى بعدما ضاقت بهم كل السبل في وطنهم الأم.
المحزن في الأمر، أن هناك أمهات التحقن بمدينة الفنيدق لمحاولة إقناع أبنائهن بالعودة، وقد لاحظنا من خلال احد الفيديوهات المؤثرة خلال الهجرة الجماعية الأولى أما تلاحق ابنها في البحر في مشهد درامي أبكى المغاربة.
يجب أن نستفيد جميعا من يوم 15 شتنبر الجاري، فهذا اليوم أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الشباب إذا صمم على فعل شيء فلن يردعه أحد، فكل شيء صعب على الشباب يهون، كما قال السياسي المحنك المرحوم علال الفاسي .
يجب أن يعي مسؤولو هذا البلد الأمين، أن أمامهم مهمة صعبة في المستقبل القريب، وأن الحل ليس في اعتقال الشباب أو إعادتهم لبيوتهم، وإنما الحل يجب أن يكون جذريا.
يجب محاسبة كل رؤوس الفساد المتسببين في هذه الأزمة، كل من ثبت ضلوعه من قريب أو من بعيد في استغلال المال العام، كل من اختلس أموال الشعب يجب معاقبته، وحجز كل ممتلكاته وإعادتها للدولة، واستثمارها للصالح العام.
إذا كانت هناك نية فعلا لمحاربة الفساد، فيجب التعامل بطريقة صارمة في هذه الحالة حتى لا يتكرر هذا الأمر مستقبلا، وأن لا يتجرأ فاسد الاقتراب من المال العام.
يجب استئصال المشكل من جذوره، يجب توفير فرص الشغل ، والعيش الكريم، وحقوق الإنسان، والتعليم الجيد، والصحة، والعدل وـمور كثيرة أخرى لا يتسع المجال هنا لذكرها.
الاعتقال ليس هو الحل، فسجون البلاد كلها لن تتسع لهذا الكم الهائل من الشباب والأطفال الذين التحقوا بمدينة الفنيدق. الحل ليس في الاستنجاد بقوات أمنية من مختلف أنحاء المملكة لوقف نزيف هذه الهجرة الجماعية، فهذه الجحافل الأمنية مدنها أولى بها، إلى متى ستظل مرابطة هناك؟