الألباب المغربية/ محمد عبيد
انتشر باقليم إفران عموما وبمدينة آزرو على وجه الخصوص جدل واسع في شأن تدبير قطاع النقل المدرسي وتحديد مسؤوليات الاشراف عليه من قبل جمعيات محلية، وذلك في انتظار تدخل آني للسلطات الإقليمية لوضع هذا القطاع على سكته الحقيقية والثابتة انطلاقا من الضوابط والقوانين المشروعة للمسؤولية في تدبير هذا المجال.
ويعيش مجال تدبير النقل المدرسي على مستوى مدينة آزرو اختناقا ملحوظا نتيجة غياب تحديد مسؤولية تدبيره بين طرفين جمعويين، مما أثر سلبا لحد الآن على عملية استفادة المتمدرسين من هذه الخدمة التي لطالما خففت عنهم عبء التنقل بين مساكنهم ومؤسساتهم التعليمية… سيما وإن الجمعيتين معا (جمعية ارخبيل للتنمية الشاملة وجمعية أزرو تيكريكرة بن صميم للنقل المدرسي) اطلقتا مع حلول الموسم الدراسي الجديد 2023-2024 عملية التسجيل، كل واحدة منها على حدى، مما تسبب في حيرة لدى التلميذات والتلاميذ الراغبين الاستفادة من هذه الخدمة..
ويشكل موضوع النقل المدرسي قضية تم رفعها بين يدي عامل اقليم افران، إذ جاء في توضيح من أحد المهتمين لقضايا النقل المدرسي بالمغرب أن مشكل النقل المدرسي يخضع لمقتضيات قانونية ومن اختصاص المجلس الاقليمي بصريح عبارة المادة 79 من القانون التنظيمي 14-112 وهو اختصاص ذاتي حصري، ولَم ترد بالقانون التنظيمي للجماعات رقم 14-113 أية إشارة إلى اختصاص ذاتي للجماعات يتعلق بهذا المرفق الخدماتي، مما يمكن اعتباره أن تدبير هذا القطاع من قبل الجماعات المحلية مثابة ترامي على اختصاص الغير.. وهنا يأتي الجدل حول تسلل جماعة أزرو عبر رئيسها للاجتهاد في استغلال هذا القطاع على حساب المهام الجماعية، أولا لكونه رئيس جمعية منحها فرصة تدبير هذا القطاع واستعلال مقر الجماعة لاستقبال التسجيلات؟ علما ان جمعية ارخبيل للثقافات والتنمية الشاملة لها مقرها الخاص خارج مؤسسة الجماعة الترابية لازرو كان الأجدر أن يكون مفتوحا لهذه المهمة؟ …
من جهته تساءل أحد المتحدثين عن توفر سند قانوني لاحتكار الجماعة تدبير النقل المدرسي تحت غطاء جمعية هي أصلا “ربيبتها”، وليعرب على أنه ليس من اختصاصات الجماعة تدبير النقل المدرسي حتى ولو ابرمت اتفاقية شراكة مع الجمعيات!؟؟ وإن كان هذا القطاع يدخل في اطار الاختصاصات الذاتية لمجالس العمالات والأقاليم فإنه يندرج ضمن الاختصاصات المشتركة بالنسبة للجماعة ويمكن التدخل في هذا المجال بالاضافة إلى مجالات اخرى بناء على عقد مع الدولة. وهذا العقد مع الدولة اعيد هذه الجملة مما يعني مصالح أخرى بالاضافة إلى المبادرة، يعني ممكن مع مندوبية التعليم أو… لأن هناك نص قانوني يفتح المجال للجماعات ممارسة اختصاصات أخرى لا تدخل ضمن اختصاصاتها بناء على عقد مع الدولة بطلب من الجماعة او من الدولة.”
فيما أوضح متدخل آخر بالإشارة إلى أن القانون واضح بشكل لا غبار عليه… النقل المدرسي بالوسط الحضري لا يؤطره القانون لانه من اختصاص المجلس الاقليمي…اذن جمعية النقل المدرسي بازرو وجماعة آزرو تعملان خارج الإطار القانوني للنقل المدرسي…
وأشار المصدر بأن ما يقوم به رئيس جماعة أزرو بشأن الاستحواذ على قطاع النقل المدرسي هو تحايل مكشوف إذا ما ذكرنا بأن منشور الوزير الأول رقم 2003/7 بتاريخ 27 يونيو 2003 بشأن الشراكة بين الدولة وجمعيات المجتمع المدني والذي حدد معايير الانتقاء المحققة للشفافية والموضوعية والمنفعة المباشرة للفئات المستهدفة، بالإضافة إلى المعايير ذات الصلة بالجمعية الشريكة… واستبعد أن تكون الجماعة قامت بالإعلان عن طلبات عرض هذا المشروع لاختيار الجمعيات، الأقدر والأفضل، والتي تتوفر على خبرة أو برنامج وتصور لتطوير النقل المدرس؟!! وتبقى في غياب هذا الاجراء استغفلت الجميع وتعهدت بصفة مباشرة إلى إبرام اتفاقية مع جمعية تم انتقاؤها واختيارها لتسيير مرفق النقل المدرسي، وهي الجمعية التي يتراسها مما يجعل في موقف تضارب المصالح!؟ علما ان مرفق النقل المدرسي اختصاص ذاتي للمجلس الإقليمي وفقا للقانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات والاقاليم وخاصة في الباب الثاني: الاختصاصات الذاتية، المادة 79 حيت اعتبر النقل المدرسي من أهم الاختصاصات الذاتية الموكولة لمجالس العمالات والأقاليم، ويندرج في إطار الشراكة مع مصالح التربية والتكوين…
واستطرد المتحدث بالقول: يظهر ان ن رئيس جماعة أزرو قد استغل عرفا اصبح متداولا داخل الجماعات الترابية، بأن تبادر كل جماعة (اقتنت أو توصلت بحافلة للنقل المدرسي) إلى تأسيس جمعية يعهد إليها الإشراف على الحافلة…وطبعا فكل جمعية أسست ستمكنها الجماعة من منحة سنوية، والأكثر غرابة هو ان يتم فرض مقابل شهري يستخلص من جيوب أسر التلاميذ المستفيدين… لتتحول تلك الجمعية إلى مشروع استثماري لفائدة أعضاء الجمعية… كما تتحول إلى وسيلة ضغط وابتزاز للأسر، من أجل ضمان أصواتهم الانتخابية. وصمتهم على تجاوزات المنتخبين”… هذا ناهيك عما يشوب هذه العملية من اختلالات قانونية، إذ يبقى المستفيدون منها مجموعة من المنتخبين والموالين لهم والذين يشرفون على تلك الحافلات باسم الجمعية في معظمها صورية من حيث تركيبتها البشرية.. بكون الرئيس وأمين المال هما المهيمنين على تدبيرها المالي والإداري، وهم المشرفين على تسجيل التلاميذ المستفيدين والمحددين للمسارات الطرقية الخاصة بكل حافلة، ولو انهم الان فقط سخروا بعض موظفي الجماعة للقيام بالتسجيل مباشرة من المتمدرسات والمتمدرسين داخل مقر الجماعة!؟”
“إن مثل هذه المبادرة فتحت امام بعض الجمعيات بتوفير عربات نقل لتشوه واقع النقل المدرسي الذي تطبعه العشوائية،وهي ظاهرة شبه وطنية يتغذى منها من عدة اعتمادات ومن ميزانيات المجالس المنتخبة محليا، إقليميا،(وأحيانا من مجالس جهوية لا يفوض له اي إطار قانون تاطير او الاشراف على النقل المدرسي المحلي أو الاقليمي)، وكذا من أموال وزارة الداخلية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية… وايضا من مساهمات مختلفة لمحسنين وجمعيات وطنية ودولية… لكن مع الأسف الشديد فإن جزء كبير من تلك الأموال تهدر أو تنهب.”
وخلص الوضع أحد المناقشين لهذا الملف بالقول: “تدبير النقل المدرسي يبقى مرتبطا أساسا من خلال الناحية القانوينة بآزرو، لكنه قطاع من اختصاص المجلس الاقليمي، وتواجد النقل المدرسي بجماعة حضرية مناف للقانون.”
وهذه الاشارة الأخيرة سبق وأن أكد عليها عامل الإقليم قبل 4سنوات في إحدى اللقاءات بمقر العمالة موضحا كيفية الاستفادة من خدمات النقل المدرسي خيث أكد كذلك على أن الدعم يهم فقط المجال القروي.
وأمام واقع هذا الملف المثير للجدل، تهيب فعاليات اجتماعية ومجتمعية بالمجلس الإقليمي بعمالة إفران بتحمل مسؤوليته كاملة في تدبير مرفق النقل المدرسي بمدينة آزرو باعتباره اختصاصا ذاتيا حصريا له… كما تهيب نفس الأصوات بالسلطات الإقليمية باعتبارها سلطة المراقبة الإدارية بالتدخل العاجل لإعمال القانون وحث الشركاء المعنيين بالأمر بتحمل مسؤولياتهم كاملة في هذا الإطار.
ٱزرو: النقل المدرسي يعيش على اختناق اجتماعي وجمعوي
اترك تعليقا