الألباب المغربية – مصطفى طه
“هوليود أفريقيا” و”المدينة الهادئة”، لقب يطلق على ورزازات التي تعد كأكبر أستوديو سينمائي طبيعي على المستوى العالمي، هذه المدينة المطمئنة تجمع بين نواحيها المتناقضات الجغرافية، وتضاريسها المتعددة، والحياة الطبيعية المختلفة.
وصلة بالموضوع، تنفرد المدينة سالفة الذكر بجبالها التي يتعدا علو بعضها ألف متر، فضلا عن الكثبان الرملية، والصحراء القاحلة، والأودية الجافة، بالإضافة إلى الواحات الجميلة، والينابيع الدائمة الصافية، بحيث تنبت فيها أنواع فريدة من الشجر والنبات، مثل النخيل، والحنّاء، والزعفران.
تقع ورزازات في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، بحيث تبعد مسافة 600 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة الرباط، وحوالي 200 كيلومتر جنوب شرق مدينة مراكش، وتعتبر عاصمة إقليم ورزازات التابع إداريا لجهة درعة تافيلالت، وقد أكسبها هذا الموقع المتميز، وطبيعتها الساحرة الخلّابة، مكانة متقدمة في المجالين السينمائي والسياحي، على المستويين الوطني والعالمي، وصار يقصدها السائحون المغاربة والأجانب، والمهتمون بصناعة السينما من كافة أرجاء المعمور، هذا من جهة.
من جهة أخرى، أنه وعيا منهم بالرهانات التي تمثلها ورزازات، آثر المسؤولين المحليين والإقليميين، خاصة عامل الإقليم، والمجلس الجماعي السابق والحالي، أن يتناولوا، في إطار إحالة ذاتية، بالدراسة والتحليل مجمل التحديات التي يتعين رفعها من أجل تحسين تنمية المدينة، والوقوف على آفاق تطورها، ولا سيما ما يتعلق بطموح تحقيق صعود سوسيو- اقتصادي واجتماعي.
وفي هذا الصدد، أنه في السنوات القليلة الماضية ترجمت جماعة ورزازات، ما يُصطلح عليه “سياسة المدينة” الهادفة إلى إقامة أوراش ذات بعد اجتماعي، واقتصادي، وسياحي، وثقافي وجمالي، ومن مرتكزاته خلق فضاءات عمومية تستقطب الساكنة المحلية والسياح المغاربة والأجانب، للترويح عن النفس مع إضفاءها رونقا بديعا على المجال.
وفي هذا الإطار، سارع المجلس الجماعي إلى إعادة الاعتبار لساحة الموحدين التي تشكل محور ورزازات، لتكون بذلك القلب النابض للمدينة، ومكانا للأنشطة الثقافية، والفنية، والمهرجانات المختلفة، هاته الساحة التي تعد أشهر الفضاءات بالمدينة، تختزن بين طياتها اليوم تعبيرات التراث، والثقافة الشعبية، والفرجة، والفنون الجميلة، المفتوحة في وجه الزوار من داخل المغرب وخارجه، فضلا عن أهمية المكان التجارية والاقتصادية.
اليوم باتت ساحة الموحدين، علامة سياحية حديثة مسجلة تسحر الزوار، فهي واحدة من أشهر الفضاءات الإنسانية المفتوحة على مستوى جهة درعة تافيلالت، وهي تدخر أسرارا فنية جميلة من خلال فنون الفرجة التي يقترحها ممارسون يحترفون أشكالا متعددة من التواصل الفني مع الناس، إما أحواش (فنون الغناء والرقص الجماعي الاستعراضي الأمازيغي)، أو غناء شعبيا أو استعراضا أو رسما تشكيليا، أو فصولا من الحكايات التراثية، وغيرها من العروض التي تجذب زوار المدينة حسب أهوائهم وأذواقهم.
مقابل هاته اللوحات الفنية الجميلة التي لا تنقطع عن الساحة، وعلى مدار النهار وحتى وقت متأخر من الليل، تزدهر مهن تقليدية محلية وتقديم المأكولات التقليدية الشعبية التي تشتهر بها المنطقة، ومختلف مناطق المغرب.
وفي هذا السياق، صرح النائب الثاني لرئيس جماعة ورزازات، إيدار حيدي، لجريدة “الألباب المغربية”، أن الأجواء بهذا الفضاء المتميز واصفا إياها بـ”الرائعة”، حيث يعيش على إيقاع إقبال الزوار من مختلف الجنسيات بكثافة، والذين يقضون أوقاتا ممتعة وهم يتنقلون من حلقة إلى أخرى، قبل أن ينتهي بهم المطاف على مائدة أحد المطاعم المجاورة للساحة، “جلسة” لتناول أطباق وتذوق أكلات متنوعة.
وأضاف المتحدث ذاته، قائلا، أن: “ساحة الموحدين أو ساحة الفن، تمثل نقلة نوعية في تعزيز التراث اللامادي، فضلا على أنها ستعد على المدى القريب والمتوسط والطويل، القلب النابض للمدينة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياحي والثقافي ، بحيث لا يمكن لمن يقصد مدينة السينما للسياحة والاستجمام، أن يعطي لزيارته معنى وقيمة دون النزول ضيفاً عليها، وهي الزيارة التي لا تتوقف عند حدود الساحة بمطاعمها ومنشطيها وغيرهم، بل تمتد إلى عمق المدينة التاريخي، وهي فرصة كذلك للوقوف على ثراء وتنوع الموروث الثقافي الغني التي تزخر به ورزازات”.