الألباب المغربية
(*) مصطفى طه
القانون التنظيمي للجماعات المحلية 14-113، تضمن مفهوم المعارضة لأول مرة على مستوى التدبير المحلي، فرغم كون الكل يتحدث عن المعارضة، وتداول هذا المفهوم بشكل واسع داخل المجالس المنتخبة، للتمييز بين الأغلبية، والمسؤولة عن تدبير الشأن المحلي، والأقلية التي عادة تعرف بالمعارضة.
لذا، من الواجب على المنتخبين السياسيين، داخل المجلس الجماعي لمدينة ورزازات، أن يلتزمون كمعارضة، وحرصهم الشديد على مواصلة ممارسة معارضة وطنية ومواطنة، قوية ومسؤولة وبناءة، على أساس المكانة والحقوق، التي خولها القانون التنظيمي للجماعات المحلية المشار إليه أعلاه للمعارضة، وكذا على أساس خدمة الصالح العام المحلي، عبر السعي نحو التأثير في السياسات العمومية، تقييما واقتراحا، بالإضافة إلى ممارستها للرقابة، بناء على خلفيات اجتماعية ومواطنتية حقيقية، بعيدا عن ممارسة “البوليميك” المضلل للساكنة، خلال انعقاد الدورات العادية والاستثنائية.
وفي سياق متصل، بعض أعضاء المعارضة، داخل المجلس الجماعي لمدينة ورزازات، تطغى عليهم المصالح الشخصية، والغياب الكامل للتأطير السياسي، وكذلك الغياب التام للاستراتيجيات التسييرية الإدارية والتقنية، بنكهة سياسية، وأيضا عدم فهمهم لأدوارهم الحقيقية التي تكاد تكون أكبر من الأغلبية، فهم (المعارضة) الساهرين على التسيير بمقارعة الرأي بالرأي، والمشروع بالمشروع، والفكرة بالفكرة، وهم بذلك يكونون في موقف الأساتذة المصححين، لأخطاء الأغلبية وفي مقدمتها رئيس الجماعة.
وصلة بالموضوع، المعارضة من مسؤوليتها السياسية، أن تقوم بصياغة تقارير أو تعقد ندوات صحفية منتظمة، لتسليط الضوء على وضعية تدبير الشأن المحلي بمدينة ورزازات، من أجل أن تضع الساكنة في الصورة، وذلك من خلال ضعف أداء أغلبية المجلس الجماعي لورزازات، وفي مقدمته الرئيس الحالي، مسجلة في نفس الوقت سوء تدبير المرافق العمومية في ما يتعلق بالمجهود التنموي والتخطيط، فضلا عن غياب التخطيط والبرمجة، وعدم اعتماد رؤية استراتيجية واضحة أثناء إعداد المخططات الجماعية للتنمية، بالإضافة إلى الوقوف على عدم تمكن الجماعة من تنفيذ جزء مهم من المشاريع المبرمجة في إطار المخططات الجماعية للتنمية، وكذا ضعف وتيرة إنجاز بعض هاته المشاريع.
لكن للأسف، افتقدنا مثل هكذا منتخبين محليين، داخل المجلس الجماعي لورزازات، بحيث نلمس على أرض الواقع وجود بعض أعضاء المعارضة، يفتقدون لقوة اقتراحية وتوجيهية وضبطية، بحيث أصبحوا مرضى بالامتيازات والمناصب والأسفار، حتى صاروا جزء من المدعوين لوليمة “الوزيعة”، الأخيرة التي أعدمت السياسة، وفتكت بهؤلاء السياسيين، ولكم في المجلس المذكور خير دليل.
وهذا الفيروس الخبيث، الذي نخر وشوه سمعة المعارضة، و قبَّح العمل السياسي، بحيث تم تعويضه بما يسمى التوافق والتراضي، والعمل العشوائي والمصلحي، ونهج سياسة “أعطيني نعطيك”، فهؤلاء المنتخبين الجماعيين من مسؤوليتهم الوطنية، أن يتقيدوا بقاعدة المعارضة مناضلة بدون أي امتيازات، فمن واجبها فضح الريع والفساد، وسوء التسيير والتدبير، وعندما تكون مشاركة ولو بمنصب واحد، ومستفيدة من أي امتياز، فهي بصريح العبارة “خائنة” لواجبها السياسي، واسألوا الساكنة المحلية عن رأيها اليوم من بعض أعضاء المعارضة، داخل المجلس الجماعي لمدينة ورزازات.
تجدر الإشارة، أنه خلال الدورة العادية للمجلس الجماعي لورزازات لشهر ماي 2024، التي تم عقدها في الأيام القليلة الماضية وبالضبط يوم 07 ماي الجاري، لامست على أرض الواقع، أن المعارضة تعاني من إشكال عويص يتمثل في تعاملها بطريقة تقليدية مع أغلبية المجلس، وذلك من خلال أسئلة شفهية استطاع رئيس المجلس أن يكبحها بسهولة.
وبأمانة سجلت، أن أسئلة المعارضة تطرح بطريقة باردة، والإجابة تكون بطريقة أبرد منها، بحيث أن هذه المنهجية الضعيفة جدا، تقدم من خلالها المعارضة هدية للأغلبية وعلى رأسها رئيس المجلس الجماعي الحالي.
وكان أملي أن يكون خطاب هاته المعارضة، أكثر جرأة في الإنصاف والموضوعية، خال من أي تحيز خاص.
(*) سكرتير التحرير