الألباب المغربية/ يونس المنصوري
في ركن بعيد من هذا الوطن، تعيش القرى المغربية واقعًا مزريًا يختزل في طياته آلام سكانها وآمالهم التي تكاد تتلاشى. إنها قرى تزينها الطبيعة بجمالها، لكن بشريتها تعاني من جراح عميقة. رغم مرور عقود من الوعود والتعهدات، تبقى هذه القرى تعاني من غياب البنية التحتية الأساسية والخدمات الحيوية.
تجوب الطرقات المتهالكة المركبات التي تكاد تتعثر في كل زاوية، في حين تنتظر النساء والأطفال على حواف الطرقات الموحلة عودة الماء والكهرباء، التي تبقى، في الكثير من الأحيان، مجرد سراب. إن التعليم في هذه المناطق يشكو من نقص المعلمين والمرافق، بينما يسعى الأهل لتأمين مستقبل أفضل لأبنائهم، الذين يكافحون لمواجهة صعوبة التعلم في ظروف قاسية.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالتنمية الاقتصادية تكاد تكون معدومة، مما يجعل فرص العمل شحيحة. الشبان، الذين يحملون أحلامًا كبيرة، يضطرون للهجرة إلى المدن الكبرى أو حتى خارج البلاد بحثًا عن حياة أفضل. تظل القرى محاطة بفراغ قاتل، حيث تندثر العائلات تحت وطأة الفقر والبطالة، مما يعمق الهوة بين الريف والمدينة.
وعلى الرغم من كل هذه المعاناة، يظل السكان يحملون الأمل في قلوبهم. إنهم يتوقون إلى التغيير، إلى أن تُترجم الوعود إلى أفعال ملموسة. ولكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك في ظل غياب المساءلة والشفافية؟ هل ستظل الوعود مجرد كلمات تلوكها الألسن في كل موسم انتخابي؟
لكي يتجاوز السكان واقعهم المرير، يجب أن تتضافر الجهود من جميع الأطراف. لا بد من إرساء قواعد التنمية المستدامة التي تعتمد على مشاركة المجتمع المحلي، حيث يتم إشراكهم في صنع القرار وتحديد أولوياتهم. يحتاج الأمر إلى رؤية واضحة وإرادة سياسية حقيقية لدعم التعاونيات المحلية وتحسين البنية التحتية.
إن القرى المغربية ليست مجرد أماكن جغرافية؛ إنها تاريخ وحضارة وثقافة، وتستحق كل الجهود من أجل مستقبل مشرق. علينا أن نؤمن أن التغيير ممكن، وأن الأمل يمكن أن يتحول إلى واقع إذا اجتمع الناس على هدف مشترك.