الألباب المغربية/ سعيد آيت حم
قيمة الخبر تكمن في توافقه مع الحقيقة، ومصداقية صاحب الخبر تزيد من قيمته…. خلال الأيام القليلة الماضية، ومباشرة بعد صدور قرارات إدانة من القضاء الكندي في حق “هراندو” أصبح هذا الأخير كثير الخرجات، مطنب الشطحات…. يخبط خبط العشواء، وشتان بين عشواء “هراندو” التي لا تصيب أحدا وعشواء زهير إبن أبي سلمى التي تصيب وتخطئ، تميت من تصيب ويعمر من تخطئ… ويهرم. عشواء “هراندو” عقور هرمة إقتلع الزمان أسنانها، تجري يمينا وشمالا دون سماع وقع لحوافرها ولا يرى غبار يتطاير تحتها…. عشواء شبح لا يراها إلا “هراندو الذي يمدح اليوم ويعادي غدا، يضع نياشين النزاهة على أكتاف البعض ليلا ويقتلعها في الصباح الموالي… “هراندو” تاه بين دهاليز النقد الكاذب وسراديب الإرتزاق…. اختلطت أوراقه واكتظ مخيخه بأفكار نتنة كانت راكدة لعقود بعدما أجثثت من مزرعة الحرب الباردة…. “هراندو”، بمسلكياته الشاذة، كان يرعى دابة هجينة، ما هي بالناقة ولا هي بالأثان، صوتها الشحيج وركبها مستحيل لأنها ضريرة لا تسمع مقوسة المثن… كان يرعى دابته ويغذيها على الحقد الذي اعتنقه ليتقي به شرور فشله ويرمي بها على الناس من حوله…. “هراندو” تاه بين الغل والكراهية، وتاهت معه عشواؤه…. تسير أمامه وهو يتلوها وكله يقين أنها تقوده للمجد والسؤدد رغم أنها تسير إلى حافة قعرها لظى حارق وجمر تئن تحت وطأته الصخور…. “هراندو” كان يمجد الديمقراطية الكندية ويزايد بجنسيتها مؤكدا أنه فوق كل محاسبة ما دام يمارس حقا مشروعا بموجب المعاهدات الدولية… “هراندو” كان ولا زال يسب ويذم ويقذف دون أدنى اعتبار، بل يعبر بكل وقاحة وبكل دناءة عن مشاعر الكراهية التي تسكن أعماقه… “هراندو” أصبح عبارة عن تعفن بشري ناطق…. وجاءه الرد من محاكم الدولة الديمقراطية التي تأويه وأعطته جنسيتها… وكانت الإدانة…. واستفاقت عشواؤه بعدما كانت في سبات الأبله ولاحظت لتأثير دولة من العالم الثالث لا مصداقية لناسها على قضاء دولة رائدة في الحقوق والقوانين…. “يا سلام كم أنت قوي يا وطني”…. ارتمى “هراندو” في المستقبل ورهن إعتقاله بالإضراب عن الطعام والشراب حتى الموت…. بل ترك وصية لكل الناس وطلب منهم مواصلة النضال، أي مواصلة السير وراء عشوائه…. علما أن “هراندو” لن تكون له الشجاعة لبرمجة موته… وتسير عشواؤه ويسير الوطن، وسير عشوائه لا يقارن بسير غيرها مادامت تتيه في دروب الذل والخزي والوطن يسير على درب المجد الذي يمتد لقرون في التاريخ ويسبق الركاب لقرون في المستقبل، بمحطاته المضاءة وبوجهته الوهاجة.