الألباب المغربية/ محمد عبيد
تتحمل المدرسة المغربية اليوم مسؤوليات زيادة تفوق طاقتها، حسب النظام الأساسي (المرسوم 2.02.376)، والذي يحدد مهام الإدارة التربوية من حيث الإشراف على التدبير التربوي والإداري، ضمان النظام والسلامة، تطبيق البرامج، وتنظيم الأنشطة… لكن كل هذا لا يشمل التربية الأخلاقية الأساسية كالاحترام والانضباط اللذين من المفروض أن يكونا من البيت.
ففي قراءة لنداء إلى الأسر صادر عن الأطر التربوية والإدارية باسم ضمير المدرسة المغربية والذي يدعون فيه إلى التعاون على إنقاذ المدرسة من الانهيار القيمي، والعودة للتربية اعتبارها قبل فوات الأوان، يمكن القول بأن العلاقة بين الأسرة والمدرسة تفرض خلق شراكة أسرية-مدرسية، ليتحقق للمدرسة تغطية الفراغ..
ويؤدي غياب هذه الشراكة لإرهاق الأساتذة والإداريين، ويمكن الوقوف على هذا الوضع من خلال الرجوع إلى تقارير الوزارة واليونيسف التي تشير بأن 70 % من المشاكل السلوكية جذورها أسرية.
هذه الظاهرة منتشرة جدًا في المدارس المغربية، وهي ليست فقط عنف جسدي، بل كذلك لفظي ونفسي مثل التنمر واللامبالاة… وتبقى أبرز الأسباب الرئيسية حسب الدراسات (مثل تقارير المجلس الأعلى للتربية واليونيسف)..
فحسب النداء الأخير للأطر التربوية (منشور في 20 أكتوبر 2025)، هناك أسر مشكورة بجهدها التربوي الواعي، وتأثيرها واضح في سلوك أبنائها الإيجابي داخل المدرسة، كالاحترام والانضباط… إلا أنه للاسف، تمثل أقلية صغيرة وسط “طوفان” من الإهمال الأسري والإعلامي والمجتمعي، مما يؤدي إلى إغراق المؤسسات التعليمية.
كما أن التقارير الرسمية والنقابية (مثل نقابة المتصرفين التربويين) تشير إلى أن هذا الإهمال ساهم في تفاقم الأزمة، مع انخفاض الثقة في المدرسة العمومية بنسبة كبيرة، وتراكم مشاكل مثل نقص الموارد والفوضى في الدخول المدرسي.
التحدي هو الحاجة إلى تظافر جهود الأسر والمدرسة والإعلام لإعادة التوازن قبل أن يتفاقم الإنفلات. فالمدرسة ليست مصلحة اجتماعية ولا بديل عن الأسرة، هي مجرد مكملة لدور الآباء، ونجاحها في تعليم الأبناء يعتمد على دعم حقيقي من آباء وأولياء أمور التلاميذ، وليس بالكلام فقط بل بمتابعة يومية، بمراقبة للأداء، وبتواصل مستمر مع الإدارة والأساتذة…
إذ أثبتت دراسات مغربية (مثل بحث “عَلاقة الأسرة والمدرسة” لمريم الجاحشي، 2024)، بأن الأسرة هي “المرجع الأول” لنمو الطفل، والمدرسة “الأسرة الثانية”، وتكامل الإثنين يحقق التوازن في التربية والتعليم.
فالتعاون بين الأسرة والمدرسة هو المفتاح لبناء شخصية التلميذ القوية، وذلك بتقدير محيطه الاجتماعي والمدرسي! إذا ذكرنا أيضا بأن هناك دراسات تربوية مغربية حديثة (مثل تقرير “الشراكة بين المدرسة والأهل” لـ Educa24، 2025)، هذه الشركة تعزز الثقة بالنفس، الاستقرار النفسي، والانخراط في الأنشطة، وتؤدي لتحصيل دراسي أعلى بنسبة كبيرة..
تربية الأبناء ليست مسؤولية المدرسة لوحدها، وسلوكهم فيها مرآة لدور الآباء.. فالأسرة شريك أساسي في التربية والتعليم، وليست بخصم، وتعاونها مع الإدارة ينقذ المدرسة من الانهيار القيمي قبل فوات الأوان.
فحسب دراسات مغربية حديثة (مثل بحث “دور الأسرة في التربية”، 2024)، الأسرة هي الركيزة الأولى لزرع القيم كالاحترام والمسؤولية، وتكاملها مع المدرسة يعزز الثقة والنجاح لدى الطفل المتمدرس.
ولبناء هذه العلاقة بين الأسرة والمدرسة يمكن تبني خطوات ناجعة من بينها التواصل المستمر بين الآباء والمدرسين، وعقد اجتماعات دورية، وتوجيه رسائل، وتتبع نتائج التلميذ مع الأساتذة.
كما أن هناك نقطا مهمة لمشاركة الأسرة (من آباء وأولياء التلاميذ) تتجسد في الفعاليات المدرسية لربط البيت بالمدرسة، كدعم مشترك لحل المشكلات نفسيًا واجتماعيًا، حتى يتمكن المتمدرس من ضبط علاقته بزملائه وبالأطر.. مما من شأنه أن يجعل المدرسة بيئة داعمة، والأسرة مكملة.
ولخلق بيئة داعمة ومتكاملة، يجب تعزيز التعاون بين الأسر والمدرسة من خلال التواصل المستمر والفعال لتحديد أهداف مشتركة، والاستفادة أيضاً مع التطور التواصلي من التكنولوجيا… يشمل ذلك تنظيم ورش عمل مشتركة، وتشجيع مشاركة الأسر في الأنشطة المدرسية، واستخدام وسائل تقنية مثل تطبيقات المدارس لمتابعة تقدم المتمدرسين، لأن المدرسة وحدها ليست بقادرة لتصوب وحدها مسارات حياة الأبناء في غياب برامج مشتركة مع الأسرة لإحداث التوازن بهدف البلوغ إلى حلول تعزز الشراكة بين الأسرة والمدرسة، وذلك باعتماد برامج حوارية، وأنشطة رياضية وثقافية… مادامت المدرسة ليست كل شيء…
فالأسرة أساس التوجيه، وأساسا من حيث الدعم النفسي والاجتماعي من خلال التعاون المستمر، مما يمكن من اكتشاف أي تغييرات في سلوك المتمدرس مبكرًا واتخاذ الإجراءات المناسبة. لهذا كانت مساهمة الأسر أساسية في دعم استقرار المتمدرس من الناحية النفسية، وبالتالي يؤثر هذا التوجه إيجابيًا على أداء المتمدرس وعلاقاته.