الألباب المغربية/ سمير السباعي
يعتبر الفعل المسرحي رافعة أساسية لتحقيق تنشيط لمساحات من الفعل الثقافي، خاصة إذا ارتبط الأمر بمجهودات بعض الفاعلين المسرحيين المحلية التي يتم انجازها بدعم بعض المؤسسات العمومية والخاصة، ضمن هذا السياق أعلن مهرجان سيدي مومن للمسرح بالدار البيضاء عن دورته الثالثة المنظمة من طرف جمعية معالم النور للثقافة والفنون بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتنسيق مع مقاطعتي سيدي البرنوصي وسيدي مومن تحت شعار “المسرح وأثره في التنمية الثقافية”. وقد دشن المنظمون بفضاء المركب الثقافي حسن الصقلي بمنطقة البرنوصي انطلاقة هذا العرس الثقافي بتنظيم ورشات تكوينية لها علاقة مباشرة بالفن المسرحي. حيث شكلت الورشة الأولى التي أطرها مصطفى منتصر كتقني مسرحي محترف سبق له أن راكم خبرات في العمل المسرحي كمتخصص في تقنيات الإضاءة والصوت ذات الارتباط بأبي الفنون، سواء في البدايات الأولى مع مسرح الراحل الطيب الصديقي أو في ما بعد مع فرقة المسرح البدوي التي لازال ينشط بها. وقد حرص المنتصر خلال هذا اللقاء التكويني مع المهتمين بالمسرح والمتخصصين والإعلاميين على تقديم مدخل تاريخي أشار فيها إلى بروز الفن المسرحي كممارسة تاريخية انطلقت مع الحضارة المصرية القديمة مرورا بالزخم الذي منحته الحضارة الإغريقية لهذه الممارسة الفنية وصولا إلى ظهور الأشكال الحديثة في التعبير المسرحي جاعلا من هذه النبذة التاريخية مدخلا لإبراز نشوء الحاجة العملية لعناصر الإضاءة والصوت داخل العمل المسرحي ككل. وفي هذا الاتجاه عمل المؤطر على تقديم شرح لآليات الإضاءة والصوت المعمول بها فوق الركح سواء ما كان مستعملا طيلة عقود من الزمن أو ما هو مستجد الآن بفعل التحول التكنولوجي الجديد الذي اختزل هذه العناصر المسرحية بشكل واضح. ولم يفت مصطفى المنتصر توضيح بعض الجوانب التقنية اللازمة للعرض المسرحي سواء تعلق الأمر بالزوايا الصحيحة لإضاءة هذا المشهد أو ذاك أو من خلال التعريف ببعض الوسائل البصرية والصوتية وأنماط اشتغالها كعنصر مكمل ورئيسي في أي عملية إنتاج مسرحي ضمن تكامل وتناغم مع ما تخطه أيدي مؤلف النص المسرح ما تراه العين الإخراجية لمخرج المسرحية بعيدا عن ما يشهده هذا المجال من ارتجالية ونقص في الإمكانيات حسب ما جاء في تصريح البعض. كما كانت الورشة الثانية التي اهتمت بتقنيات الرقص التعبيري فوق الخشبة فرصة للمستفيدين للتعرف على أدوات التعبير الجسدي الكاليغرافي المنبعث من ضرورة تحقيق تناغم بين المتن الموسيقي وتقاسيم التعبير المسرحية المعبرة على حمولة المضمون، وهي محاور تكوينية عمل مؤطر الورشة المختص في الرقص التعبيري محجوب اوزال على تسليط الضوء عليها من خلال تمرينات تعبيرية جسدية قدمها في تفاعل مع الجمهور المستفيد على نغمات إحدى قطع فيروز الناطقة بالألم الفلسطيني والمعلنة عن صرخة وجودية لإيقافه عبر مشاهد تعبيرية قدمها المستفيدون. وقد أكدت المسؤولة الأولى عن الجمعية المنظمة لهذا الاحتفاء المسرحي حنان السككي، أن الرغبة كانت ولازالت أكيدة في إنجاح هذا الحدث الثقافي رغم الإكراهات التي ظهرت على مستوى بعض إجراءات التنظيم. للإشارة فالجمهور على موعد مع عدة عروض مسرحية ولقاءات فكرية سيتم تنظيمها في اليومين القادمين من هذا المهرجان المسرحي وبمشاركة أسماء معروفة في سماء مسرحنا المغربي تأليفا ونقدا وتشخيصا بنفس فضاء اليوم بالإضافة إلى المركب الثقافي أبي عنان بنفس المنطقة.