الألباب المغربية/ ذ. محمد خلاف
في ظل البطالة والوضع الاقتصادي الراكد، وحالة الإحباط، وتزايد معدلات البطالة، تزايدت محاولات أبناء الفقيه بن صالح للوصول إلى أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل. قرر صالح ابن منطقة الكريفات بعد أن جمع مبلغ 30.000 ألف درهم تكلفة الرحلة، ركوب القارب الخشبي من قرية الصيد إمطلان والتي تسمى 111 لبعدها عن مدينة الداخلة ب 111 كلمتر، رفقة 26 شخصا حيث حدد توقيت الإنطلاق على الساعة الرابعة صباحا على أمل بلوغ جزيرة لاس بالماس الإسبانية، وبعد مسير حوالي 10 ساعات بدأ البحر في الهيجان فذهب جميع من كان بالقارب بتفكيره بعيدا، فصورة الموت قد رسمت في مخيلة الجميع، قبل أن تلمحهم إحدى البواخر التجارية التي اكتشفوا فيما بعد بأنها اسبانية من خلال العلم الاسباني وكذا حديث طاقمها، الذي أدرك بأن خطر الموت يداهم الجميع، وبعد أن اقتربوا منهم انقلب القارب الذي كان يقل المهاجرين السريين من أبناء الفقيه بن صالح وقلعة السراغنة، وسطات، وأسفي، بفعل الأمواج العاتية التي كانت تحدثها الباخرة العملاقة، حيث رموا لهم الحبال وبعد جهد كبير استطاع صالح أن يمسك بأحدها نتيجة التعب والإرهاق الكبيرين الذي كانوا يعانون منه، وبسبب الخوف الذي كان ينتاب صالح لم يستطع أن ينتبه إلى مصير من كانوا بصحبته في القارب والذين كان عددهم 26 شخصا، وبعد أن عاد للوعي اكتشف أن عدد الناجين كان 7 أشخاص فقط، فقد كان صالح محظوظا جدا لأنه نجا من الموت المحتم، في حين كان يسمع صراخ أصحابه وهم يطلبون النجاة، لترتسم هذه الذكرى التعيسة إلى اليوم في مخيلته، وقد انتهت الرحلة بمواراة” الضحايا” التراب بمسقط رأسهم فيما أحيل صالح الذي دفع مبلغا هو رأسماله، ومن نجا معه على المحكمة ليتابعوا بتهمة الهجرة السرية. ويرحل إلى “لاربعا” ….
قد يتحمل هؤلاء الشباب خطر الموت، و شقاء الرحلة إن هم نجحوا وقد يتحمل أولياؤهم عذاب فراقهم سواء إن هم ماتوا، أو فقدوا أو حتى وصلوا إلى بر الأمان، و قد يتألم أي مغربي لما يعانيه الشباب الذي يرمي بنفسه إلى التهلكة في لحظة ضعف، بعد أن رسم في مخيلته حياة جديدة في أوربا حين يفر من واقعه بحثا عن المستقبل والأمل وأي أمل الذي يحيط به الظلام بعد أن تصادفه كل أنواع الحيتان تتسابق لالتهامه فيصبح المتوسط والأطلسي مقبرة شبابنا وإما أن يصل إلى أرض غريبة يعيش بها مهمشا فارا من شارع لشارع..لا هوية.. لا انتماء.. ولا عائلة، وعدم الشعور بالاستقرار، والبعد عن العائلة، والأقارب، والأصدقاء، وعدم الشعور بالانتماء والاطمئنان، والتخلّي عن بعض القيم والمبادىء والعادات والتقاليد للتأقلمّ مع البيئة الجديدة، والإحساس بالغربة، والسكن فى المناطق الفقيرة، والعمل فى الأعمال الشاقّة لساعات عمل طويلة. ليبقى فقط صوت الأم يتردد في أعماقه وحنينه إلى أرضه التي ندم على تركها في لحظة يأس، ولكن الذي يتحمل وزر هذه الظاهرة كاملا، العديد من الأطراف المتداخلة ،وأكثرهم بارونات وتجار الموت الذين يتاجرون بأرواح أبناء المغرب وشبابها عبر قوارب الموت…
للحد من الهجرة بالمدينة يجب تشجيع الشباب على المشاركة في الأمور السياسيّة دون خوف أو تهديد، وتوفير فرص عمل للشباب العاملين والخرّيجين. وتحفيز الشباب على التعلق بوطنهم الأم وعدم التخلّي والتفريط به مهما حصل، والقضاء على المحسوبية والواسطات. فتح أماكن لاستثمار كافّة مؤهلات الشباب مثال: الجمعيات والمؤسسات والنوادي الثقافية. الإهتمام بمؤهلات الشباب عن طريق توفير الامتيازات الهامة مثال: التأمين الصحّي، والمسكن، ووسائل المواصلات، تحقيق مبدأ المساوة والعدل.