الألباب المغربية
أكد المشاركون في المنتدى الدولي الثالث للأشجار، اليوم السبت 13 أبريل الجاري بمتحف محمد السادس لحضارة الماء بمراكش، على الأهمية التي يكتسيها القطاع الغابوي ودوره الأساسي في الحفاظ على التوازن البيئي وصون التنوع النباتي والثروة الحيوانية.
وسلط المشاركون خلال اليوم الثاني من أشغال المنتدى والتي تمحورت حول موضوع ” الغابات مصدر الحياة”، الضوء على الأسباب التي كانت ولا زالت وراء تدهور الغابات بفعل الكوارث الطبيعية أو تدخل الإنسان مما أفرز تحديات كبيرة استدعت القيام بعدة دراسات للوقوف على هذه الاختلالات والبحث عن أفضل السبل لمعالجتها حفاظا على الثروة التي يختزلها هذا المجال الطبيعي وتحسين علاقته بالإنسان.
وفي هذا الصدد، أكد الباحث السويسري في المجال الغابوي، إيرنس زورشير، في عرض حول “تأثير الغابات على التوازن المناخي .. غرس الأشجار والعناية بالغابات سبيل للحفاظ على الموارد المائية”، أنه على غرار عدة مناطق في العالم، عرف القطاع الغابوي بأوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط منذ استيطان الإنسان تراجعا كبيرا في مساحاته وتشويه مناظره الطبيعية مما أسفر عن بروز عدة تحديات همت على الخصوص، تغير المناخ بالإضافة إلى تضرر الغطاء النباتي والتراجع الملموس في نسبة الثروة الحيوانية بالمنطقة.
وأبرز أنه يتعين على جميع المتدخلين في هذا القطاع، العمل على إعادة النظر في الأساليب المتبعة في تدبير المجال الغابوي، في أفق المحافظة عليه واسترجاع دوره الحيوي في خلق التوازن البيئي والحفاظ على التربة والتنوع البيولوجي وأيضا صيانة المصادر المائية.
من جهتها، أبرزت الأستاذة الباحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، منية أشباح، خلال تطرقها لحكامة الغابات المغربية، من التدبير الأمني إلى التدبير المندمج والتشاركي الذي يسعى إلى إرساء الاستدامة، أن الغابات بالمغرب، التي تشكل فضاء متعدد الوظائف وعنصرا أساسيا في حماية البيئة، تعرضت لفترة طويلة، لاستغلالات مختلفة وجائرة من قبل الإنسان.
وأضافت أن قراءة أنماط التدبير هذا الفضاء الطبيعي، وتقييم تحولاته حسب الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي مكن من استيعاب أكبر للحالة الراهنة التي تتسم بها وضعية المجال الغابوي، والتأكيد على أن كل مرحلة من مراحل التدبير ساهمت في تحسين حكامة الغابات وتحديد التحديات التي تواجهها، مؤكدة على أن التنمية المستدامة تعتبر ذات أهمية في تحسين وتعزيز دور المجال الغابوي مما يتطلب تعبئة والتزام جميع الجهات المتدخلة.
وركزت باقي التدخلات على أن من شأن إعادة النظر في الأساليب الفلاحية التقليدية المدمجة في النظام البيئي المحلي، وإعطاء الأولوية للتنوع البيولوجي المعزز لهذا القطاع، وضمان التنوع الوراثي للمحاصيل، المساهمة في ظهور وتعزيز الأنظمة الغذائية القادرة على الصمود والتكيف على المستوى المحلي.
وبعد أن شددوا على أهمية تكثيف علمية زرع الأشجار بالفضاءات الفلاحية والغابوية، أبرز المتدخلون الدور الذي تلعبه شجرة الأركان في منع التصحر وتآكل التربة وكذا دورها الاقتصادي بالمناطق المتواجدة بها، مشيرين إلى أن هذه الشجرة لها فوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة بالنسبة للعديد من الأسر المغربية.
وذكروا في هذا الصدد، ب”مشروع زيت الأركان” الذي يعتبر نجاحا اقتصاديا مواكبا لأهداف التنمية المستدامة، وللتطور الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، حيث تشمل المراحل الرئيسية لهذا المشروع دراسة علمية (كيميائية وصيدلانية) وإرادة قوية في تنمية المناطق القروية المغربية من خلال إنشاء تعاونيات نسوية.
ويتميز المنتدى الدولي الثالث للأشجار المقام إلى غاية 15 أبريل الجاري، بمبادرة من جمعية الأشجار والعلوم والتقاليد، ومؤسسة ابن رشد، وجمعية ابن البيطار، بدعم من جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة القاضي عياض بمراكش، بمشاركة خبراء دوليين، ونشطاء بيئيين، وممثلي المنظمات غير الحكومية، والسلطات المحلية.
ويهدف إلى خلق فضاء للحوار والتعاون، حيث يُتيح للمشاركين تبادل معارفهم وأفكارهم ومشاريعهم من أجل مستقبل أكثر استدامة، فضلا عن كونه يعد فرصة لتقاسم الخبرات والأفكار ومناقشة الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات البيئية التي تواجه العالم.
وتتمحور أشغال هذا الحدث الدولي حول عدد من المواضيع ذات الصلة بالدور الأساسي للأشجار في جذب المياه والحفاظ عليها وتنظيمها على نطاق عالمي، والأبعاد المتعددة للعلاقة الحيوية بين الأشجار والغابات والمياه والحياة على الأرض.
ويتضمن برنامج هذا المنتدى تنظيم محاضرات، وموائد مستديرة، وعرض أفلام، ومعارض علاوة على تنظيم خرجات وزيارات لمتحف محمد السادس لحضارة الماء وزرع اشجار بمنطقة النخيل من قبل تلاميذ إحدى المؤسسات التعليمية في إطار برنامج المدارس الإيكولوجية لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، الى جانب زيارة مرصد النخيل بمراكش ولبعض الحدائق بالمدينة ونواحيها.
تحرير: مصطفى طه